لبنان على صفيح نزع السلاح: ضغوط أميركية وتهديدات إسرائيلية تهز الحكومة

دخل مجلس الوزراء اللبناني نفقاً سياسياً معقداً بعد أن تم تأجيل البت في اقتراح أمريكي يدعو إلى نزع سلاح حزب الله واحتكار الدولة اللبنانية للسلاح. فقد أعلن رئيس الوزراء نواف سلام، عقب جلسة حكومية حاسمة في 5 أغسطس، عن تأجيل النقاش بشأن هذا الملف الحساس حتى الخميس المقبل، مؤكدًا التزام حكومته بقرار مجلس الأمن 1701 وسعيها لاحتكار السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام.

انسحاب حزب الله وأمل… مؤشر خطير

شهدت الجلسة الحكومية انسحاب وزراء حزب الله وحركة أمل، احتجاجاً على ما اعتبروه محاولة “لفرض نزع السلاح كأمر واقع”. وعلّق الصحفي اللبناني خليل نصر الله بأن هذا الانسحاب يعكس “فخاً يجري نصبه للمقاومة”، منتقداً تكليف الجيش اللبناني بوضع خطة لتقييد أسلحة حزب الله دون أي إشارة إلى خطة دفاعية في وجه العدوان الإسرائيلي.

نعيم قاسم: “لن نسلم السلاح”

في تزامن لافت مع انعقاد الجلسة، ألقى الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، خطابًا صريحًا رفض فيه أي حديث عن نزع سلاح المقاومة، معتبرًا أن “العدوان لن يتوقف حتى لو سلمنا أسلحتنا”، وأن هذه الأسلحة هي جزء من اتفاق الطائف والدستور اللبناني.

وأكد قاسم أن أي نقاش حول السلاح لا يمكن أن يتم دون إجماع وطني، مشددًا على أن بيان الحكومة الوزاري ينص على حماية السيادة وردع العدوان، لا الاستسلام لإملاءات خارجية، سواء من إسرائيل أو الولايات المتحدة أو بعض الدول العربية.

ضغوط أميركية متصاعدة ومهلة ثلاثين يومًا

كشف قاسم أن المبعوث الأمريكي توم باراك قدّم مطلباً بمهلة لا تتجاوز 30 يوماً لنزع سلاح حزب الله بالكامل، وهو ما قوبل برفض وتصعيد من جانب الحزب. ونقلت قناة الجديد عن مصادر مقربة من حزب الله أن الخطاب التصعيدي لقاسم جاء ردًا مباشرًا على هذه المطالب الأمريكية.

الحكومة اللبنانية بين الضغوط والتهديدات

قال وزير الإعلام بول مرقس إن الانسحاب الوزاري من الجلسة كان بسبب الخلاف مع قرار مجلس الوزراء بشأن “احتكار السلاح”، بينما أكدت مصادر حكومية أن حزب القوات اللبنانية فقط هو من يضغط لتفجير الحكومة في حال لم يتم إقرار جدول زمني لنزع سلاح الحزب، في ظل تحالفه الوثيق مع الولايات المتحدة.

خارطة طريق أمريكية ورد لبناني

صاغت الحكومة اللبنانية ردًا رسميًا على خارطة طريق أمريكية حديثة، تدعو لنزع سلاح حزب الله، لكنها ربطت أي خطوة بانسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلة ووقف الهجمات الجوية شبه اليومية على الجنوب اللبناني. ووفق تقارير صحفية، رفضت كل من واشنطن وتل أبيب شروط بيروت، ما ينذر بتصعيد عسكري خطير.

المقاومة تسحب إلى الليطاني… والعدوان مستمر

رغم التزام حزب الله بسحب قواته إلى شمال نهر الليطاني وفق اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن الغارات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أكثر من 200 شخص منذ نوفمبر الماضي. وفي آخر الغارات، قُتل شخص وأُصيب أربعة في هجوم لطائرة مسيّرة على جنوب لبنان.

إسرائيل تستعد للحرب… وأميركا تواكب

بحسب تسريبات إسرائيلية، تستعد تل أبيب لمواصلة الهجمات حتى نزع سلاح الحزب، حتى ولو أدى الأمر إلى اندلاع حرب شاملة. وتشير مصادر لـ”رويترز” إلى أن واشنطن لن تضغط على إسرائيل لوقف الهجمات قبل أن تلتزم الحكومة اللبنانية بخطوات واضحة نحو تجريد حزب الله من سلاحه.

سيناريو خطير يلوح في الأفق

باتت الحكومة اللبنانية أمام اختبار وجودي، وسط تهديدات إسرائيلية، وضغوط أميركية، وانقسام داخلي حاد. بينما تؤكد المقاومة أنها مستعدة للنقاش تحت مظلة الدولة، تشترط أولاً انسحاب إسرائيل وإنهاء العدوان، وهو شرط لا يبدو أن واشنطن أو تل أبيب مستعدتان لقبوله، ما يضع لبنان على حافة انفجار جديد.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى