احتلال غزة يكشف الصراع الخفي بين نتنياهو والجيش

شهد الأسبوع الماضي توترًا استثنائيًا بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وقائده العسكري المختار بعناية، اللفتنانت جنرال إيال زامير، في صدام غير مسبوق بشأن خطة توسيع الهجوم على قطاع غزة وإعادة احتلاله بالكامل، في خطوة تعتبرها الحكومة محاولة فرض سيطرة كاملة على الجيب الذي يقطنه أكثر من 2.1 مليون فلسطيني.

تصاعد الخلافات العلنية بين نتنياهو وزامير

امتدت أيام من التسريبات المنسقة والتشهير العلني، حيث اشتبك نتنياهو وزامير حول استراتيجية الهجوم الإسرائيلي. أكد وزراء الحكومة على ضرورة خضوع الجيش للأوامر السياسية، في حين أصدر زامير بيانًا مقتضبًا وصف فيه الخلاف بأنه “جزء لا يتجزأ من تاريخ الشعب اليهودي”. وفي خطوة نادرة، اتهم نجل نتنياهو قائد الجيش بمحاولة “الانقلاب” ضده.

في ختام اجتماع مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي الذي استمر عشر ساعات يوم الجمعة، أصدر نتنياهو أوامره لجيش الدفاع الإسرائيلي “بالاستعداد” لغزو مدينة غزة، متجاهلاً تحذيرات الجيش التي تؤكد أن مثل هذه الخطوة ستجهد الجيش وتعرض حياة الرهائن الإسرائيليين للخطر.

البدائل العسكرية ومحاولة التقليل من الجيش

طرح الجيش الإسرائيلي بقيادة زامير خيارًا أضيق نطاقًا، لكن مكتب نتنياهو وصف هذا البديل بأنه بمثابة استسلام، مشيرًا إلى أنه “لن يحقق هزيمة حماس ولا سيؤدي إلى تحرير الرهائن”. هذا الخلاف يعكس بوضوح الفجوة بين التوجهات العسكرية والتكتيكية وبين الأهداف السياسية لرئيس الحكومة.

تاريخ الصراعات بين القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل

لم يكن هذا الخلاف هو الأول من نوعه بين القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، إذ شهدت إسرائيل في السابق مواجهات مشابهة، فقد قاد مناحيم بيغن ذات مرة حملة ضد قائد لواء رفض تنفيذ غزو بيروت الغربية عام 1982، بسبب تحفظه على الخطة. كما قاوم الجيش الإسرائيلي دعوات الحكومة لغزو غزة خلال الانتفاضة الثانية، ورفض خطة نتنياهو لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية قبل أكثر من عقد.

تداعيات الخلاف على الداخل الإسرائيلي ومؤسسات الدولة

في ظل تصاعد العزلة الدولية بسبب حرب غزة التي تستمر منذ 22 شهرًا، يهدد هذا الخلاف العلني بين نتنياهو والجيش بتعميق الانقسامات الداخلية وتقويض الثقة في مؤسسات الدولة، في وقت يسعى فيه نتنياهو لاستغلال الجيش لتعزيز مكاسبه السياسية.

يقول مسؤول أمني إسرائيلي سابق: “اعتاد السياسيون الاستماع إلى الجيش… لكن الأمور تغيرت في إسرائيل منذ ذلك الوقت. كان هناك الكثير من السياسة آنذاك، والآن تحت هذه الحكومة، تحدث تغييرات تكتونية.”

خاتمة

يُظهر الخلاف الحاد بين نتنياهو والجيش مدى تعقيد المشهد السياسي والعسكري في إسرائيل، خاصة في ظل الصراعات المستمرة في غزة. ويؤكد هذا التوتر أن السياسة العسكرية ليست بمعزل عن المصالح السياسية والضغوط الداخلية، مما يثير تساؤلات حول تأثير هذه الخلافات على مستقبل الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية واستقرار مؤسساتها.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى