الغارديان تكشف مخطط قتل الطعام في غزة

يشكل البحث عن الغذاء في قطاع غزة اختبارًا يوميًا قاتلًا للفلسطينيين، حيث وثقت تحقيقات صحفية دولية، أبرزها تحقيق صحيفة الغارديان، إطلاق نار متكرر وعشوائي من الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع الغذاء.
خلال 50 يومًا، سجلت إصابة أكثر من 2000 فلسطيني، منهم مئات القتلى، في حادثات متكررة تحولت إلى مأساة إنسانية كبرى في ظل حصار مستمر.
توثيق الأدلة: رصاصات إسرائيلية ومشاهد مروعة
أجرى تحقيق الغارديان دراسة معمقة شملت أكثر من 30 مقطع فيديو، سجلات طبية، شهادات أطباء وجراحين، بالإضافة إلى تحليل الأدلة البصرية وذخائر الرصاص التي وجدت قرب ضحايا الحوادث. أظهرت نتائج التحقيق أن أنماط الإصابات والرصاص المستخدم تتوافق مع ذخائر الجيش الإسرائيلي، مما يؤكد إطلاق النار الممنهج على المدنيين الفلسطينيين الباحثين عن الطعام.
شهادات الناجين: “كان إطلاق النار علينا عشوائيًا”
يحكي الناجون مثل إيهاب نور ومحمد سليمان أبو لبدة قصص الرعب اليومية من إطلاق النار المباشر أثناء انتظارهم في طوابير طويلة لتلقي المساعدات الغذائية. يقول نور، الذي أصيب عدة مرات قرب مواقع التوزيع: “نريد فقط أن نعيش. كفى”. أما أبو لبدة فيصف ما جرى قائلاً: “كان إطلاق النار علينا عشوائيًا. الرجل الذي كان بجانبي قُتل ووضعت جثته في كيس لجمع الدقيق”.
المستشفيات تشهد ارتفاعاً غير مسبوق في إصابات الطلقات النارية
تشهد مستشفيات خان يونس ورفح إقبالاً كبيرًا على علاج المصابين جراء إصابات الرصاص، حيث أفادت تقارير طبية عن أعداد قياسية من الجرحى، معظمهم إصابات في الرأس، الرقبة، والذراعين، مع وجود حالات إصابات مروعة بين الأطفال والمراهقين. وأكد جراحون ومختصون أن هذه الإصابات تشير إلى استهداف مباشر لأجزاء الجسم الحيوية.
تنديد قانوني وإنساني دولي
يُعد إطلاق النار على المدنيين في مواقع توزيع الغذاء انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف، حيث أكدت عدة جهات حقوقية وقانونية أن هذه التصرفات قد ترقى إلى جرائم حرب وجريمة إبادة. وأوضح البروفيسور عادل حق من جامعة روتجرز أن إطلاق النار على المدنيين العزل ليس فقط غير مشروع بل يشكل جريمة قانونية تستوجب الملاحقة الدولية.
ردود فعل ومواقف متضاربة
في حين ينفي الجيش الإسرائيلي استهداف المدنيين عمداً، ويدعي أن إطلاق النار كان على “مشتبه بهم”، تؤكد شهادات الناجين وتحليلات الخبراء عكس ذلك. كما اعترضت منظمات الإغاثة على منع وصول المساعدات وعرقلة توزيعها، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.
قصة شخصية: “لا أريد الغذاء بلا كرامة”
تروي قصة الفتى أحمد زيدان، الذي فقد والدته برصاص الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتهم الحصول على الطعام، مأساة الفلسطينيين العالقين بين الجوع والخوف. قال أحمد بكاءً: “إما أن نحصل على المساعدة مع الحفاظ على كرامتنا أو لا نريدها”.
أهمية فتح ممرات آمنة وإغاثة عاجلة
تدعو المؤسسات الحقوقية والإنسانية المجتمع الدولي إلى ضمان فتح ممرات آمنة لتوزيع المساعدات، وتوفير حماية حقيقية للمدنيين، بالإضافة إلى محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات الجسيمة. ويطالب الفلسطينيون بإيقاف إطلاق النار فورًا لتمكين وصول الغذاء والدواء، وإنقاذ حياة آلاف العائلات المحاصرة.
خلاصة
في ظل هذا “المخطط القاتل”، تعيش غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة حيث يتحول البحث عن الطعام إلى معركة للبقاء، مع استمرار إطلاق النار العشوائي والممنهج على المدنيين من قبل الجيش الإسرائيلي. هذا الانتهاك الصارخ لقوانين الحرب والحقوق الإنسانية يستدعي تحركًا دوليًا عاجلاً لوقف المجازر وضمان وصول المساعدات دون عوائق.
لندن – اليوم ميديا