ممر زانجيزور.. المعركة الحاسمة بين واشنطن وطهران على جنوب القوقاز

في تطور يثير توترات إقليمية جديدة، أكدت إيران رفضها القاطع لإنشاء ممر زانجيزور الاستراتيجي الذي يربط بين أرمينيا وجمهورية أذربيجان عبر الأراضي الأرمنية، بعد توقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وأرمينيا يمنح واشنطن حق إدارة الممر لمدة 99 عاماً. فما دوافع إيران لهذا الاعتراض، وما هي أبعاد المواجهة الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة؟
ممر زانجيزور.. بوابة نفوذ أميركي جديدة على الحدود الإيرانية
أثار الاتفاق الذي وقع يوم الجمعة في البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان غضب طهران، إذ يمنح الولايات المتحدة حق الإشراف على ممر زانجيزور على الحدود الجنوبية لأرمينيا مع إيران.
يعتبر هذا الممر أكثر من طريق تجاري؛ فهو يشكل نقطة انتشار عسكرية محتملة تسمح للولايات المتحدة بنشر قواتها مباشرة على حدود إيران، وهو ما تصفه طهران بأنه “مقبرة مرتزقة ترامب” وفق تصريحات علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي.
إيران ضد ممر زانجيزور: تهديد للأمن الإقليمي وتغيير للجغرافيا السياسية
تخشى إيران أن يؤدي إنشاء الممر إلى تغييرات جوهرية في جغرافيا المنطقة، إذ يمكن أن يعيد رسم الحدود بشكل يضر بأمن جنوب القوقاز ويهدد وحدة أرمينيا.
ويشير ولايتي إلى أن إيران مستعدة للتحرك، سواء بالتعاون مع روسيا أو بمفردها، لمنع تنفيذ هذا المشروع الذي تصفه بأنه “محاولة حلف شمال الأطلسي لعزل إيران وتقويض تحالفها مع موسكو”.
فقدان النفوذ الروسي وتصاعد الدور الأميركي
منذ 2023، شهدت منطقة جنوب القوقاز تراجعاً واضحاً في النفوذ الروسي، خاصة بعد حملة أذربيجان على ناغورنو كاراباخ والتي أدت إلى نزوح عشرات الآلاف من الأرمن. لم تتمكن قوات حفظ السلام الروسية من حماية السكان الأرمن، ما دفع رئيس وزراء أرمينيا إلى تعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ورفضت روسيا كذلك تقديم دعم عسكري لإيران خلال حربها القصيرة مع إسرائيل والولايات المتحدة في يونيو، مما يعكس تغيراً في تحالفات المنطقة ويفتح الباب أمام تعزيز النفوذ الأميركي.
ممر زانجيزور وأطماع الناتو في الجنوب القوقازي
يرى الإيرانيون أن ممر زانجيزور ليس مجرد طريق تجاري بل أداة استراتيجية يستخدمها حلف شمال الأطلسي لنشر نفوذه في المنطقة وتوسيع السيطرة بين روسيا وإيران. ويؤكد ولايتي أن الناتو يسعى إلى زعزعة التحالف الإيراني-الروسي عبر “دق أسفين” بينهما من خلال هذا الممر.
بدائل إيران لتجنب الممر: المرور عبر أراضيها
توضح طهران أن أذربيجان لديها بالفعل إمكانية نقل البضائع والأشخاص إلى جيب ناختشيفان عبر أراضيها، ما يجعل ممر زانجيزور غير ضروري من الناحية التجارية، ويزيد من فرص رفض المشروع لأسبابه الأمنية والسياسية.
أبعاد الصراع الإقليمي: حزب الله وإيران
في سياق متصل، يعلق ولايتي على الضغوط الأميركية لنزع سلاح حزب الله اللبناني حليف إيران، مؤكداً أن إيران ستواصل دعم المقاومة في لبنان، معتبراً أن المحاولات السابقة لنزع السلاح فشلت، ولن تختلف المحاولات الحالية.
معركة جنوب القوقاز بين النفوذ الأميركي والإيراني
تصاعدت التوترات في جنوب القوقاز لتشكل نقطة اشتعال جيوسياسية بين طهران وواشنطن، حيث يمثل ممر زانجيزور رمزاً للصراع بين القوى الإقليمية والعالمية على النفوذ والسيطرة. ومع استمرار التغيرات في تحالفات المنطقة، يبقى مصير الممر وموقع إيران في هذه المعادلة مفتوحاً على احتمالات عدة، بين مواجهة حازمة ودبلوماسية مكثفة.
لندن – اليوم ميديا