الجيش الإسرائيلي يقتل صحفيين أيضًا

في مقال نشرته مجلة فورين أفيرز بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة (3 مايو)، وصفت الحرب في غزة بأنها الأسوأ في تاريخ الحروب للصحفيين. بالرغم من أن المقال كان منضبطًا في تعبيره، إلا أن العديد من المواقع الإخبارية العالمية استخدمت لغة حادة واتهامات مباشرة لإسرائيل بقتل الصحفيين عمدًا.

تضارب الأرقام في مذبحة الصحفيين بغزة

لا يوجد إجماع حول الأرقام الحقيقية للضحايا من الإعلاميين، حيث تبالغ المصادر الفلسطينية في تقديراتها، بينما تقلل إسرائيل من الأعداد. لكن الدراسات الأكاديمية المستقلة توضح حجم الكارثة، إذ أظهرت دراسة مشروع “تكلفة الحرب” في جامعة براون وكلية الصحافة بجامعة كولومبيا أن عدد الصحفيين الذين قُتلوا في غزة (232 صحفيًا) يفوق عدد ضحايا الصحفيين في حروب كبرى مثل الحرب الأهلية الأمريكية، الحربين العالميتين، وحروب فيتنام ويوغوسلافيا وأفغانستان مجتمعة.

منظمة حماية الصحفيين ومراسلون بلا حدود تدق ناقوس الخطر

قدرت منظمة “لجنة حماية الصحفيين” عدد القتلى من الصحفيين حتى نهاية مارس الماضي بـ168، فيما ذكرت منظمة “مراسلون بلا حدود” أن العدد يصل إلى 200، داعية المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل لوقف ما وصفته بـ”مجزرة الصحفيين”.

التحديات في التحقق من الأرقام

تعتمد تقارير أعداد القتلى بشكل كبير على وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حركة حماس، مما يثير الشكوك حول دقة الأرقام. مع ذلك، هناك جهات دولية وأفراد يقومون بتحقيقات مستقلة تؤكد أن الأعداد أكبر مما تعترف به إسرائيل.

استهداف الصحفيين عمداً؟

أفاد موقع “ذا إنترسبت” الإعلامي أن الجيش الإسرائيلي يستهدف الصحفيين الذين يستخدمون الطائرات المسيرة لتوثيق الأوضاع في غزة، مما دفع العديد من الصحفيين إلى التوقف عن ارتداء السترات الزرقاء التي تميزهم لتجنب الاستهداف.

تحقيقات عالمية تكشف الحقيقة

صحف كبرى مثل “نيويورك تايمز” و”الغارديان” البريطانية أجرت تحقيقات معمقة خلصت إلى أن إسرائيل لا تكشف الحقيقة كاملة، وأن بعض الصحفيين قتلوا عمدًا على يد القوات الإسرائيلية.

الرد الإسرائيلي: اتهامات بالتشهير والمبررات الأمنية

الدعاية الإسرائيلية تصف هذه الاتهامات بأنها معادية لإسرائيل، وتقول إن استهداف الصحفيين لا يتم بشكل منهجي، وأن الحوادث الطارئة ناتجة عن طبيعة الحرب ضد منظمات تستخدم المدنيين كدروع بشرية. لكن العديد من الأدلة المصورة تناقض هذه الادعاءات.

تصنيف ضحايا الصحفيين

يرى البروفيسور يورام بيري أن الصحفيين الذين قُتلوا ينقسمون إلى ثلاث مجموعات:

  • الصحفيون المرتبطون بالمنظمات الفلسطينية، الذين يستخدمون الإعلام كغطاء.
  • الصحفيون الذين قتلوا كضرر جانبي خلال القصف.
  • الصحفيون المدنيون الذين لا يشاركون في أي نشاط حربي، لكنهم قُتلوا بشكل متعمد نتيجة سوء انضباط العمليات العسكرية.

إعاقة دخول الصحفيين الأجانب وغياب الشفافية

منذ أكتوبر 2023، تمنع إسرائيل دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، مما يزيد من انتشار الشائعات ويعيق التحقق من الأوضاع الحقيقية.

أمثلة سابقة وتداعياتها

تذكر حادثة تفجير مبنى “الجلاء” في مايو 2022 الذي كان يضم مكاتب إعلامية دولية، والذي اعتبره الجيش الإسرائيلي “هجومًا معرفيًا على الوعي”، وأدى إلى أضرار دبلوماسية وشعبية واسعة.

الخاتمة

الحرب في غزة تعد من أكثر الحروب فظاعة في تاريخ إسرائيل، وستترك آثارًا طويلة الأمد على مكانتها الدولية. ويقر جمهور إسرائيلي كبير بهذا الواقع، إلا أن الحقيقة التي ستواجه الأجيال القادمة هي أن إسرائيل قتلت الصحفيين أيضًا.

نقلا عن تايمز أوف إسرائيل

زر الذهاب إلى الأعلى