أميركا وباكستان على أعتاب اتفاق تجاري ضخم يغيّر موازين المنطقة

يجري كبار المسؤولين الباكستانيين والأميركيين، حاليًا، محادثات حاسمة لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق تجاري ضخم يتضمن تعهدات استثمارية كبرى من الولايات المتحدة، وفق ما أعلنه وزير الدولة للشؤون المالية الباكستاني، بلال أزهر كياني، اليوم الإثنين.

وفي مقابلة مع قناة “بلومبرغ”، أوضح كياني أن الاتفاق يتضمن تخفيض الرسوم الجمركية على صادرات باكستان، إضافة إلى جذب استثمارات أميركية استراتيجية في قطاعات الطاقة، والمناجم، والمعادن، مشيرًا إلى أن المفاوضات ستتواصل خلال الأشهر المقبلة لإنجاز التفاصيل النهائية.

تخفيض تاريخي للرسوم الجمركية

نجحت إسلام أباد في التوصل إلى اتفاق مبدئي مع واشنطن يقضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 19% فقط على صادراتها إلى السوق الأميركية، انخفاضًا من النسبة السابقة البالغة 29% التي فرضتها إدارة ترامب في البداية، وهو ما يمثل فارقًا كبيرًا عن الرسوم المفروضة على دول جنوب آسيا الأخرى مثل الهند وبنغلاديش.

كما يناقش الجانبان زيادة قدرة المنتجات الأميركية على دخول السوق الباكستانية، مع العمل على إزالة الحواجز غير الجمركية وتحديث “قواعد المنشأ” التي تحدد معايير قبول السلع.

باكستان: أكبر مستفيد في آسيا

تُعد الولايات المتحدة أكبر سوق لصادرات باكستان، إذ بلغت قيمة الصادرات السنوية نحو 5 مليارات دولار في 2024، مقابل واردات أميركية بقيمة 2.1 مليار دولار.

ويأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه العلاقات بين واشنطن وإسلام أباد دفئًا غير مسبوق في عهد الرئيس دونالد ترامب، وسط جهود لإعادة بناء التحالفات العسكرية والاقتصادية، خاصة مع زيارة قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، للولايات المتحدة للمرة الثانية خلال أقل من شهرين.

النفط والمعادن: قلب الشراكة الجديدة

أعلن الرئيس الأميركي الشهر الماضي أن الاتفاق التجاري سيتضمن تعاونًا استراتيجيًا لتطوير “الاحتياطيات النفطية الهائلة” في باكستان، مشيرًا إلى أن واشنطن بصدد اختيار شركة نفط أميركية كبرى لقيادة هذا المشروع، إلى جانب استثمارات في قطاع المعادن النادرة والمناجم، وهو ما يمنح باكستان ميزة تنافسية عالمية في ظل الطلب المتزايد على هذه الموارد.

تغير في الخريطة الجيوسياسية

يأتي هذا التقارب الأميركي-الباكستاني في وقت تتدهور فيه العلاقات بين واشنطن ونيودلهي، خاصة بعد الحرب الأخيرة التي جرت الشهر الماضي وأظهرت قوة باكستان العسكرية، وهو ما دفع الولايات المتحدة لإعادة تقييم تحالفاتها في آسيا، بعد أن كانت تعتبر الهند الحليف الأبرز في مواجهة الصين.

هذا التحول يمنح باكستان موقعًا استراتيجيًا جديدًا في المعادلة الجيوسياسية، مع تعزيز نفوذها في ملف الطاقة والتجارة الدولية، ويفتح الباب أمام شراكات اقتصادية كبرى قد تغير موازين القوى في المنطقة.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى