سوق الأسهم السعودية يترنح: هل يواجه انهيار 2006؟

تشهد سوق الأسهم السعودية منذ بداية العام الحالي تقلبات حادة أثارت قلق بعض المستثمرين، وأعادت إلى الأذهان شبح انهيار 2006، الذي تسبب حينها بخسارة بلغت نحو 325 مليار دولار.
ويأتي هذا التراجع في ظل التوترات الجيوسياسية الإقليمية، الرسوم الجمركية، والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي أثرت على ثقة المستثمرين والسيولة في السوق.
مؤشرات السوق الحالية والخسائر
بحسب بيانات سوق الأسهم السعودية، فقد مؤشر تاسي أكثر من 10% خلال السبعة أشهر الأولى من العام، بعد أن خسر نحو 7.2% في الربع الثاني، مسجلاً ثالث خسارة فصلية على التوالي.
ووصلت الخسائر السوقية الإجمالية نحو 1.16 تريليون ريال (310 مليارات دولار). كما أشارت بيانات بلومبيرغ إنتلجنس إلى انخفاض المتوسط اليومي لقيمة التعاملات بأكثر من 30% خلال الربع الثاني إلى 1.5 مليار دولار.
درس من انهيار 2006
شهدت السوق انهياراً مؤلماً في 2006 بعد أن وصل مؤشر تاسي لأعلى مستوى له عند 20634 نقطة، وخسر خلال شهر 25% من قيمته، وبنهاية العام بلغ الهبوط نحو 65%.
كانت الخسائر السوقية في 2006 تبلغ 1.22 تريليون ريال سعودي (325 مليار دولار)، مدفوعة بتضخم قياسي ومشكلات هيكلية في السوق، وهو ما يختلف عن الوضع الحالي.
العوامل التي تمنع تكرار الانهيار
خبراء السوق يشيرون إلى سبعة عوامل رئيسة تجعل تكرار سيناريو 2006 أمراً غير محتمل:
- النضج التنظيمي والإجرائي لهيئة السوق المالية، التي أصبحت تطبق معايير عالمية تحمي السوق من الانهيارات السريعة.
- ضوابط التذبذب اليومي، التي تحد من الهبوط الحاد وتقلل من الذعر بين المستثمرين.
- الرقابة الصارمة على المتلاعبين بالسوق، وإجراءات قاسية بحق المخالفين.
- المرحلة الحالية كسوق استقطاب للاستثمار، إذ انخفاض الأسعار يجذب المستثمرين عبر مكررات ربحية مغرية.
- الانفتاح العالمي للسوق، ما يجذب استثمارات دولية وصناديق تحوط لاغتنام الفرص.
- النمو الاقتصادي السعودي والتوقعات الإيجابية لصندوق النقد الدولي، ما يدعم السوق.
- عودة الحياة العملية بعد فترة الصيف، مما يزيد من التدفقات الاستثمارية في الربع الثالث.
الفروق بين 2025 و2006
المحللون يشيرون إلى أن التراجع الحالي، الذي لم يتجاوز 10-11% خلال ثمانية أشهر، يحدث في بيئة أكثر نضجاً واستقراراً، مع مكرر أرباح لا يتجاوز 16، مقارنة بمكرر 39 في 2006.
كما أن الانخفاض الحالي مرتبط بعوامل خارجية مثل الحروب التجارية، التوترات الجيوسياسية، وتقلب أسعار النفط، بالإضافة لعوامل داخلية متعلقة بضعف ثقة المستثمرين وسحب السيولة نحو الاكتتابات الجديدة.
توقعات المستقبل واستقرار السوق
المحللون يتوقعون مزيداً من التراجع بنسبة قد تصل إلى 5% لتكوين قاع رئيسي يمكن أن يشكل قاعدة لاستعادة المستثمرين ثقتهم وإعادة بناء المؤشر.
ويعتمد التعافي على انفراج الأزمات العالمية، عودة السيولة من خلال خفض الفيدرالي الأميركي للفائدة، أو ارتفاع أسعار النفط.
خبراء يؤكدون حصانة السوق
المستشار الاقتصادي علي بوخمسين أكد أن أداء السوق الحالي لا يمثل تكراراً لانهيار 2006، مشيراً إلى أن السوق تمتلك مقومات تجعلها أكثر حصانة وصلابة في مواجهة التقلبات.
وأضاف أن ضوابط التذبذب والإجراءات التنظيمية الحديثة تساعد على امتصاص الصدمات ومنع الهبوط الحاد، مما يقلل من الذعر بين المستثمرين.
لندن – اليوم ميديا