صحفيو غزة موهوبون ومهنيون وذوو كرامة، ولهذا تستهدفهم إسرائيل

نسرين مالك – كاتبة عمود في الغارديان
في 16 أغسطس 2025، شهدت مدينة نيويورك تظاهرات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين، حمل خلالها المتظاهرون صور الصحفي القتيل في قناة الجزيرة، أنس الشريف، لتسليط الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة.
لقد أذهلت عمليات القتل الأخيرة العالم وأثارت إدانة واسعة، لكن قليلًا ما يُقال عن مستوى الصحافة الفلسطينية واحترافيتها.
تكانت أول مرة التقيتُ فيها بقائد فريق الجزيرة في غزة، تامر المسحال، في يوليو الماضي. كان فريقه قد دفن بالفعل صحفيين اثنين، وهم حمزة الدحدوح وسامر أبو دقة. كانوا يعانون من الجوع ويواجهون تهديدات مباشرة من الجيش الإسرائيلي، إضافة إلى فقدان أفراد من عائلاتهم.
اليوم، جميع أعضاء الفريق المذكور أصبحوا في عداد الأموات، ومع ذلك ظل الزملاء يواصلون العمل الصحفي رغم المخاطر، مؤكّدين أن تغطية الأحداث واجب لا يتوقف حتى في مواجهة الموت.
بينما أذهلت هذه المجازر العالم، لم يُذكر كثيرًا مستوى الصحافة في غزة: طليق وواضح وواثق، قادر على نقل الأحداث المروعة يوميًا، والحفاظ على المهنية أمام الكاميرا، رغم الخطر المستمر. حتى رسالة أنس الشريف الأخيرة تعبّر عن هذا الصمود، مشيرة إلى اختناق الشعب الفلسطيني وإسكات صوته.
ما تحاول الحكومة الإسرائيلية تحقيقه من خلال هذه العمليات ليس فقط وقف التغطية الإعلامية، بل تشويه صورة الفلسطينيين في العالم وتقويض مصداقية الصحفيين وكرامتهم. كلما ازدادت غزة ازدحامًا بالمسلحين، أصبح من الأسهل تبرير الحصار والعمليات العسكرية، وتضليل الرأي العام الدولي.
بحسب تحقيقات حديثة لمواقع +972 و”لوكال كول”، هناك وحدة إسرائيلية خاصة تُسمى “خلية إضفاء الشرعية”، مهمتها تحديد الصحفيين المقيمين في غزة وصرف النظر عن مصداقيتهم، ووصمهم كعملاء محتملين لحماس.
الصحفيون في غزة، رغم التهديدات والاغتيالات، يواصلون تغطية الأحداث ونقل الحقيقة إلى العالم. غياب تغطية وسائل الإعلام الغربية يجعل رسالتهم أكثر أهمية، فهؤلاء الصحفيون هم الشهود الحقيقيون على مأساة غزة.
في نهاية المطاف، تستمر الصحافة الفلسطينية في غزة، شجاعة وواضحة البصيرة، رغم الحصار ومحاولات إسكاتها. هؤلاء الصحفيون يتحملون مسؤولية نقل الحقائق، حتى لو كان الثمن حياتهم.
صحيفة الغارديان