من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر.. هل تنسج الصين خيوط الحرب في اليمن؟

منذ أواخر عام 2023، تصاعدت موجة من الاتهامات الغربية والدولية ضد الصين بشأن تزويد جماعة الحوثيين في اليمن بتقنيات عسكرية وأسلحة متطورة، عبر قنوات إيرانية غير مباشرة.

ورغم أن بكين ترفع في خطابها الدبلوماسي شعارات السلام والتنمية، إلا أن تقارير بحثية وأممية تكشف عن دور خفي يهدد استقرار الممرات البحرية الحيوية الممتدة من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر.

الصين بين خطاب “السلام” وواقع السلاح

على المستوى الرسمي، تؤكد الصين التزامها بمبادئ “عدم التدخل” و”احترام سيادة اليمن”، وهو ما تردده وزارة الخارجية في بيانات متكررة. لكن تحقيقات منظمات متخصصة مثل Conflict Armament Research أظهرت أن شحنات متجهة إلى الحوثيين احتوت على مكونات صينية، بينها هياكل طائرات مسيّرة وزعانف صاروخية وأسطوانات هيدروجين أُخفيت تحت تصنيف خاطئ.

أوراق ضغط إقليمية

يرى خبراء أن بكين لا تسعى إلى مواجهة مباشرة مع واشنطن في المنطقة، لكنها تستثمر في دعم إيران وأذرعها المسلحة كأوراق ضغط في لعبة التوازنات الإقليمية.

وبحسب دراسة لمركز CSIS، فإن هذه الاستراتيجية تمنح الصين نفوذاً إضافياً دون تكاليف المواجهة الصريحة، كما توفر لها أوراقًا تفاوضية في صراعها الأوسع مع الولايات المتحدة.

ترسانة الحوثيين وتقنيات صينية

تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS) كشف أن الحوثيين تمكنوا من تجميع ترسانة متنوعة من الصواريخ المضادة للسفن، بعضها بتقنيات صينية المنشأ، الأمر الذي صعّد من خطورة هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

اتهامات أمريكية مباشرة لبكين

وزارة الخارجية الأمريكية ذهبت أبعد من مجرد التحذير، إذ اتهمت شركة الأقمار الصناعية الصينية Chang Guang Satellite Technology بتقديم دعم مباشر للحوثيين.

المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، قالت إن الشركة “ساعدت الحوثيين في استهداف السفن الأمريكية والتجارية”، مؤكدة أن هذا الدعم أسهم في شن أكثر من مئة هجوم منذ نوفمبر 2023 على السفن في البحر الأحمر، تسببت بعض هذه الهجمات في إغراق سفن ومقتل بحارة.

البحر الأحمر.. عقدة التجارة العالمية

تقرير وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية شدد على أن “الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر لا يمكن المبالغة فيها، فهو يستوعب 12% من التجارة العالمية و30% من شحن الحاويات”.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية، ازدادت المخاوف من تحول البحر الأحمر إلى ساحة مواجهة كبرى بين القوى الدولية، الأمر الذي يعزز من حساسية أي دعم خارجي محتمل تقدمه الصين أو غيرها للحوثيين.

الموقف الصيني: النفي والغموض

في المقابل، ترفض بكين هذه الاتهامات وتصفها بأنها “افتراءات مفبركة”. شركة Chang Guang نفت أي علاقة لها بالحوثيين، بينما أكد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان أن بلاده “تلعب دوراً إيجابياً في تخفيف التوترات” في البحر الأحمر.

ويشير محللون سياسيون إلى أن هذا الموقف يعكس النمط الدبلوماسي الصيني التقليدي القائم على الغموض وتجنب الإجابات المباشرة، مع التذكير المتكرر بمبادئ “الحوار والسلام”.

الصين بين مشاريع الإعمار والدور العسكري

وبينما تلاحقها الاتهامات بتزويد الحوثيين بتقنيات عسكرية، تحرص بكين على إبراز صورة “الشريك الاقتصادي” الداعم لليمن. فقد كشف القائم بالأعمال الصيني في عدن، شاو تشنغ، استعداد بلاده للمشاركة في إعادة الإعمار ومشاريع الطاقة بالشراكة مع السعودية، إلى جانب إعفاء المنتجات اليمنية من الرسوم الجمركية.

وأكد المسؤول الصيني أن بلاده حريصة على مساعدة اليمن في المجالات التكنولوجية، معتبرًا أن الشباب اليمني يمتلك طموحات كبيرة، وأن الصين ستعمل على دعمهم لتحقيق هذه الطموحات. وختم بالقول إنه يأمل أن تصبح العلاقات الصينية – اليمنية “أحلى من العسل اليمني”.

عدن – نادر الشرفي | اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى