لقاء تاريخي بين الفيل الهندي والتنين الصيني.. هل ينهار عرش أميركا والدولار؟

يشهد العالم تحولات جيوسياسية كبيرة مع تقارب غير مسبوق بين الهند والصين، في خطوة يمكن أن تعيد تشكيل النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين. هذا الأسبوع، عززت زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي إلى نيودلهي الثقة المتبادلة بين بكين ونيودلهي، تمهيداً للقاء المرتقب بين الرئيس الصيني شي جين بينغ ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في تيانجين بين 31 أغسطس والأول من سبتمبر. هذا اللقاء يحمل دلالات عميقة على المستوى السياسي والاقتصادي، ويثير تساؤلات حول مستقبل الدولار ودور الولايات المتحدة في آسيا.

حدث تاريخي في السياسة العالمية

يعد هذا التقارب بين الهند والصين حدثاً تاريخياً يحمل القدرة على أن يكون نموذجاً رئيسياً في النظام العالمي الناشئ. من منظور هندي، يمثل اللقاء إرثاً بارزاً لمودي، مع اقتراب عيد ميلاده الخامس والسبعين، ويعكس نجاح الجهود الدبلوماسية التي بدأها وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومدير مكتب اللجنة المركزية للشؤون الخارجية، في تعزيز الثقة بين البلدين.

تغيير قواعد اللعبة الدولية

تأتي زيارة وانغ يي في وقت حساس، حيث ستركز على قضايا الحدود واستغلال الزخم الإيجابي الأخير في العلاقات، بما يضخ ديناميكية جديدة في عملية التطبيع. وأكدت تصريحات وانغ وجايشانكار، وزير الخارجية الهندي، وجود توافق متزايد بين الطرفين، مع التزامهما بتحسين العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية.

استئناف الرحلات والتجارة وتسهيلات جديدة

أسفرت زيارة وانغ عن اتفاقات مهمة تشمل:

  • استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين.
  • تسهيل تدفق التجارة والاستثمار، وفتح التجارة الحدودية عبر ممرات الهيمالايا.
  • تسهيل التأشيرات للزوار والسياح ووسائل الإعلام.
  • توسيع زيارات الحجاج الهنديين إلى كايلاش ماناساروفار.
  • رفع الصين للحظر عن صادرات التربة والأسمدة النادرة والمعدات الثقيلة لصنع الأنفاق.

التسوية الحدودية: التحدي الأكبر لمودي

أحد أبرز التطورات هو بحث البلدين عن “حصاد مبكر” في ترسيم الحدود، بهدف خفض التصعيد وتحقيق استقرار طويل الأمد. قضية الحدود حساسة تاريخياً، خاصة بعد حرب 1962، وتتطلب قيادة قوية وحاسمة مثل قيادة مودي لضمان التوصل إلى تسوية عادلة وموثوقة للطرفين.

تحوط الهند التقليدي وعلاقاتها مع واشنطن

تقليدياً، اعتبرت الهند علاقتها بالولايات المتحدة وسيلة للتحوط ضد الصين، لكن السياسات الخارجية المتقلبة لإدارة ترامب فرضت تحديات على نيودلهي. ومن هنا برزت الحاجة إلى تعزيز العلاقات مع الصين لتخفيف الضغوط الاقتصادية والتجارية، وتنويع الشراكات الدولية بعيداً عن الهيمنة الأمريكية.

مصالح مشتركة في عالم متعدد الأقطاب

أشار وانغ إلى أن الصين والهند تشتركان في مصالح عالمية، وأن تحسين العلاقات بينهما سيكون له أثر إيجابي على اقتصادات دول البريكس واستقرار النظام الدولي. هذه الديناميكية تثير قلق واشنطن، التي تواجه تهديداً محتملاً بفقدان نفوذها في آسيا، وقد يؤدي هذا التقارب إلى التفكير في عملة بديلة للدولار.

إحباط جيوسياسي لإدارة ترامب

أعرب محللون عن إحباطهم من السياسات الأمريكية تجاه الهند، معتبرين أن القرارات المتسرعة لإدارة ترامب مثل الرسوم الجمركية العالية على الصين والقيود العسكرية أثارت تساؤلات حول استراتيجيتها في آسيا. وقد تؤدي هذه الضغوط إلى تعزيز الاستقلال الاستراتيجي للهند، وتدفعها إلى التوجه نحو تحالفات جديدة مع الصين وروسيا لتعزيز قوتها الإقليمية.

تحديات مستقبلية

رغم الزخم الإيجابي، لا تزال هناك تحديات كبيرة، منها:

  • اللوبي المؤيد للولايات المتحدة في الهند وتأثيره على الإعلام والمجتمع الأكاديمي والنخب السياسية.
  • الرهبة الهندية من نوايا الصين، خاصة مع صعودها كقوة عالمية.
  • القضايا الحساسة مثل خلافة الدالاي لاما التي تتطلب تعاملًا دبلوماسياً دقيقاً.

خاتمة

يشكل هذا اللقاء التاريخي بين الصين والهند نقطة تحول استراتيجية في السياسة الدولية، قد تهز عرش الولايات المتحدة والدولار، وتعيد رسم خرائط القوة العالمية. التحولات القادمة ستحدد مسار العلاقات بين القوى الكبرى، وستوضح مدى قدرة الهند والصين على صياغة نظام عالمي متعدد الأقطاب يعكس مصالحهما المشتركة.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى