أميركا وإسرائيل: دعم الاستيطان.. وأين مصالح العرب؟

لا تزال الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل عالقة في القرن العشرين، ويجب إعادة النظر في العلاقة العاطفية غير المشروطة بين البلدين، وفق تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
لقد ترسخ شعار “الرابطة الوثيقة” في الخطاب السياسي الأمريكي إلى حد أن التشكيك في منطقها الاستراتيجي غالبًا ما يُنظر إليه على أنه بدعة. ومع تطور الشرق الأوسط ومواجهة المصالح الأمريكية تحديات عالمية جديدة، فقد حان الوقت لتقييم العلاقة بوعي من منظور الواقعية السياسية التقليدية، بدلًا من التعلق العاطفي أو الحسابات السياسية الداخلية.
أصول الشراكة الأميركية الإسرائيلية
نشأت العلاقة بشكل كبير خلال الحرب الباردة، عندما كانت إسرائيل رصيدًا استراتيجيًا في مواجهة النفوذ السوفيتي. لقد جعلت قدرات إسرائيل العسكرية وتعاونها الاستخباراتي منها حليفًا جذابًا في منطقة تهيمن عليها أنظمة متحالفة مع موسكو.
ولكن الحرب الباردة انتهت منذ أكثر من ثلاثة عقود، وتحول المشهد الاستراتيجي جذريًا. اليوم، الشرق الأوسط يُعرف بالصراعات الطائفية، والدول الفاشلة، وصراعات النفوذ الإقليمية، التي غالبًا ما لا تؤثر على المصالح الأمريكية الجوهرية.
سياسة واشنطن رهينة لإسرائيل
السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط أصبحت رهينة لمقتضيات العلاقة مع إسرائيل وليس العكس. هذه الديناميكية تُعرف بمشكلة “الذيل يحرك الكلب“، حيث تبدأ مصالح الدولة التابعة بتوجيه سياسات الراعي بدلاً من خدمة مصالحه.
إذا نظرنا إلى الصراع المتكرر في غزة، والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، أو نهج إسرائيل العدائي تجاه إيران، نجد أن واشنطن تُجبر على مواقف محرجة، بين دعم غير مشروط أو الانخراط في رقصة دعم علني مربكة، ما يضعف مصداقيتها وفعاليتها الإقليمية.
التزام مالي كبير غير مشروط
حزمة المساعدات السنوية الأمريكية لإسرائيل، التي تتجاوز 3.8 مليار دولار، تمثل قيدًا استراتيجيًا. فهي تشير إلى الجهات الإقليمية أن سياسة أمريكا محددة مسبقًا وليست مستجيبة للظروف المتغيرة، مما يقوّض مرونة النفوذ الأمريكي في المنطقة.
نظام إقليمي جديد ومتعدد الأقطاب
الشرق الأوسط في 2024 مختلف تمامًا عن المنطقة التي وُلدت فيها الشراكة الأمريكية الإسرائيلية. اتفاقيات إبراهام أثبتت أن التطبيع العربي الإسرائيلي يمكن أن يستمر دون حل القضية الفلسطينية، ما يضعف الافتراضات التقليدية حول الديناميات الإقليمية.
صعود قوى جديدة مثل تركيا والإمارات العربية المتحدة، والتنافس بين السعودية وإيران، وظهور جهات غير حكومية كلاعبين رئيسيين، خلق نظامًا إقليميًا متعدد الأقطاب. في هذه البيئة، قد تحد شراكة أمريكا الحصرية مع إسرائيل من نفوذها بدلاً من تعزيزه، ويُنظر إلى الدعم غير المشروط كدليل على عدم القدرة على الوساطة النزيهة.
دعوة لعلاقة أكثر نضجًا
لا يعني هذا التخلي عن إسرائيل، بل يدعو إلى علاقة أكثر توازنًا ونضجًا، قائمة على الاحترام المتبادل والتقييم الدقيق للمصالح.
- يجب أن تتضمن هذه العلاقة حوارات صادقة حول التقاء المصالح واختلافها.
- المساعدات والدعم الأمريكيين يجب أن تصاحبها توقعات بالسلوك المسؤول.
- إسرائيل يجب أن تدرك أن الدعم الأمريكي ليس أمرًا مفروغًا منه، ويجب كسبه عبر سياسات تعزز الأهداف الإقليمية الأمريكية.
التحول نحو شراكة القرن الحادي والعشرين
حان الوقت لتجاوز نماذج الحرب الباردة، والتوجه نحو شراكة مرنة ومستدامة تتلاءم مع التحديات الاستراتيجية للقرن الحادي والعشرين.
- دعم أقل غير مشروط.
- صداقة مشروطة تعكس التحالفات بين الدول ذات السيادة ذات المصالح والمسؤوليات المتميزة.
لندن – اليوم ميديا