اليوم ميديا تكشف السر وراء توافد القيادات العربية إلى القاهرة.. ماذا يخطط له السيسي؟

تشهد القاهرة في الأسابيع الأخيرة نشاطًا دبلوماسيًا مكثفًا، مع توافد ملحوظ لكبار المسؤولين العرب، في مؤشر واضح على تنسيق عربي متصاعد لمواجهة التحديات الإقليمية والأزمات المشتركة.
تأتي هذه التحركات بعد زيارة خاطفة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية، حيث التقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في مدينة نيوم شمال غرب المملكة.
وأكدت الرئاسة المصرية أن الزيارة جاءت تلبية لدعوة رسمية من ولي العهد، وتهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة والرياض على الأصعدة السياسية والاقتصادية والتنموية، إلى جانب استمرار التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
مباحثات حول الأزمات الإقليمية
تركزت مباحثات السيسي وبن سلمان على آخر التطورات في قطاع غزة، بما في ذلك جهود وقف العدوان الإسرائيلي ودعم المساعي الرامية للاعتراف بالدولة الفلسطينية. كما شملت اللقاءات متابعة الأزمات في لبنان وسوريا والسودان وليبيا واليمن، بالإضافة إلى مناقشة ملف أمن البحر الأحمر.
وقد ركز الزعيمان على صياغة رؤية عربية مشتركة لتعزيز الاستقرار الإقليمي والتنسيق الأمني بين الدول العربية لمواجهة أي تهديدات محتملة.
توافد القيادات العربية على القاهرة
عقب زيارة السيسي للسعودية، شهدت القاهرة سلسلة من التحركات الدبلوماسية المهمة:
- أولى هذه التحركات كانت زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث استقبله الرئيس المصري في مطار العلمين الدولي، في خطوة تؤكد متانة العلاقات الثنائية وسعي البلدين لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي.
- في تطور موازٍ، وصل رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث التقى برئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بحضور وزير الخارجية بدر عبد العاطي، لبحث القضايا المشتركة وتعزيز التعاون الإقليمي ضمن إطار استراتيجي عربي موحد.
- كما استقبل الرئيس السيسي رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام، في أول زيارة له منذ توليه رئاسة الحكومة، وأشاد بالخطوات الإيجابية التي اتخذتها الحكومة اللبنانية لإعادة انتظام مؤسسات الدولة وتعزيز سيطرتها على كامل الأراضي، مؤكدًا دعم مصر الكامل للبنان في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، ومشدداً على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بشكل كامل وغير انتقائي.
تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي
أعرب الجانبان المصري واللبناني عن تطلعهما لعقد الدورة العاشرة للجنة العليا المشتركة خلال العام الجاري بالقاهرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وتوسيع آفاق التعاون الثنائي في مختلف القطاعات.
آراء الخبراء حول التحركات الدبلوماسية
علق خبير شؤون الأمن القومي المصري محمد مخلوف على التحركات الأخيرة، مشيراً إلى أن زيارة السيسي للسعودية تهدف إلى تشكيل “منظومة أمان” عربية تحمي الداخل العربي من أي تداعيات سلبية للتحولات الاقتصادية والسياسية والعسكرية على المستوى الدولي. وأضاف أن مصر والسعودية تمثلان محور الاستقرار في المنطقة، وأن التنسيق بينهما يشكل أساسًا لأي جهد جماعي لمواجهة الأزمات المحتملة.
بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي أن الزيارات المتزامنة للقيادات العربية إلى القاهرة تعكس زخماً سياسياً خاصاً واهتماماً عربياً متزايداً بمصر كمركز استراتيجي للتنسيق الإقليمي. وأشار إلى أن اللقاءات تناولت قضيتين أساسيتين: الوضع في قطاع غزة والجهود الرامية نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والترتيبات الأمنية والإدارية المتعلقة بالقطاع ضمن إطار التنسيق العربي المشترك.
قراءة استراتيجية للتحركات
يعكس توافد القيادات العربية إلى القاهرة تشكيل محور عربي قوي يقوده مصر والسعودية والإمارات وقطر، يسعى إلى صياغة سياسات مشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية، سواء كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية. كما يشير هذا التحرك إلى سعي الدول العربية لتوحيد الرؤية تجاه الأزمات المفتوحة في المنطقة، وخاصة الملف الفلسطيني والأزمات اللبنانية واليمنية، وملف الأمن البحري في البحر الأحمر.
ويعكس هذا التنسيق رغبة مصرية في تعزيز دور القاهرة كمركز إقليمي وحاضنة للسياسات العربية الموحدة، وتحقيق استقرار داخلي وإقليمي يُمكّن من مواجهة أي تهديدات أو تدخلات خارجية قد تستغل الأزمات المحلية لتحقيق مصالح سياسية خاصة.
الخلاصة
يؤكد هذا الزخم الدبلوماسي أن مصر تتبوأ موقعًا محوريًا في الشرق الأوسط، حيث تعمل على توحيد المواقف العربية ومواجهة التحديات المشتركة بفعالية.
زيارة السيسي للسعودية وتوافد كبار المسؤولين العرب إلى القاهرة يشير إلى انطلاق مرحلة جديدة من التنسيق الاستراتيجي العربي، قد تسهم في إعادة تشكيل خارطة القوة في المنطقة وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي على المدى الطويل.
لندن – اليوم ميديا