هل تعلن روسيا ميلاد الدولة الفلسطينية قريباً؟

كشف وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي عن اتصالات مكثفة تجريها القاهرة مع موسكو لوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة. وأوضح الوزير في تصريحات لمراسل قناة “روسيا اليوم” في القاهرة، أنه تحدث مطولاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف قبل أيام، مؤكداً أن روسيا دولة كبرى ولها وزن دولي مؤثر، وأن التشاور معها يستهدف وقف الجرائم اليومية بحق الفلسطينيين، وإلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي.

وأضاف عبد العاطي أن القاهرة ستواصل جهودها رغم التعنت الإسرائيلي، مشدداً خلال مؤتمر صحفي مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على تطابق المواقف في رفض أي مخطط للتهجير القسري للفلسطينيين، لما يمثله من خطر جسيم على بقاء القضية الفلسطينية. وأشار إلى أن مصر وقطر ودول أخرى تتحرك عبر قنوات إقليمية ودولية للضغط على إسرائيل حتى تقبل بالمبادرة الأميركية المطروحة عبر المبعوث ستيف ويتكوف.

تحرك بحريني غير مسبوق في موسكو

في 23 مايو 2024، حدثت مفاجأة دبلوماسية في موسكو، حينما طلب ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المساعدة في تنظيم مؤتمر سلام حول فلسطين، لتكون روسيا أول دولة غير عربية مدعوة رسمياً.

وبحسب تقارير عربية، عقد العاهل البحريني وبوتين جولتين من المباحثات ركزتا بالأساس على القضية الفلسطينية، حيث أكد آل خليفة أن العالم العربي اجتمع أخيراً في موقف موحد لإنهاء الحرب على غزة. وتم اختيار روسيا كوسيط “أكثر موثوقية” مقارنة بالولايات المتحدة، وذلك انسجاماً مع ما يسميه بوتين “صيغة الأمم المتحدة”، التي تقوم على إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

موقف روسي متطابق مع الصين وبريكس والعالم العربي

الموقف الروسي يتقاطع مع رؤية دول مجموعة بريكس-10 والأغلبية العالمية تقريباً، ومع الموقف الصيني الذي أعيد تأكيده في بكين عقب لقاء بوتين وآل خليفة. كما أن البحرين لا تتحرك في هذا المسار دون التشاور مع السعودية، ما يعكس غطاءً خليجياً وعربياً واسعاً للتحرك.

الولايات المتحدة.. عائق أمام صيغة الدولة الفلسطينية

ورغم قوة العلاقات بين واشنطن ودول مجلس التعاون الخليجي، إلا أن السعودية باتت ترى أن الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً نزيهاً في القضية الفلسطينية، خاصة بعد تحالف الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مع سياسات بنيامين نتنياهو التوسعية في سوريا ولبنان.

لكن المشكلة الرئيسية التي تواجه أي وساطة روسية تكمن في قبضة الولايات المتحدة على الأمم المتحدة، حيث تظل واشنطن الحليف غير المشروط لإسرائيل وتعرقل أي قرار يهدف لإقامة الدولة الفلسطينية.

من “اتفاقيات أبراهام” إلى “طوفان الأقصى”

في عام 2020، كانت إسرائيل تعلن صراحة عن خطط ضم الضفة الغربية، فيما وقعت البحرين والإمارات والمغرب والسودان “اتفاقيات أبراهام” للتطبيع تحت ضغط أميركي، وهو ما مثّل ضربة قوية للقضية الفلسطينية. لكن بعد عملية “طوفان الأقصى” وما تلاها من إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة، تغيّر المشهد جذرياً، حيث تجمعت روسيا والصين وفرنسا وبريكس والأغلبية العالمية لدعم الاعتراف بدولة فلسطين ذات سيادة.

سانت بطرسبرغ.. منصة دعم دولي لفلسطين

وخلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي العام الماضي، عرض وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الموقف الروسي بالكامل. وناقشت مجموعة بريكس ثلاث قضايا رئيسية: الجغرافيا الاقتصادية، سوق النفط والغاز، والدعم الحتمي لفلسطين.

كما برز دور اليمن في البحر الأحمر ضد سياسات الإبادة الجماعية في غزة، فيما أكد الحاضرون دعمهم للقضية الفلسطينية، من الأمين العام لأوبك هيثم الغيص، إلى وزير الطاقة الإماراتي سهيل محمد المزروعي.

الخلاصة

روسيا تتحرك بخطوات متسارعة نحو لعب دور “الوسيط الدولي البديل” في القضية الفلسطينية، بدعم عربي وصيني وبريكس، بينما يبقى العائق الأكبر هو النفوذ الأميركي داخل الأمم المتحدة. وفي ظل التحولات الأخيرة، يبرز سؤال محوري: هل ستتسلم روسيا فعلياً ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية وتنجح في فرض “صيغة الأمم المتحدة” رغم الفيتو الأميركي؟

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى