صدمة: الصين ترفع إنتاج النفط رغم الانهيار

ارتفع إنتاج الصين من النفط الخام بشكل مطرد خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى نحو 5 ملايين برميل يومياً، رغم هبوط أسعار النفط العالمية. ويرجع ذلك إلى عدة عوامل استراتيجية وتقنية ودور محوري للحكومة الصينية في دعم قطاع النفط المحلي.
زيادة الإنتاج رغم تراجع الأسعار
تفوقت الصين على الأنماط التقليدية لمنتجي النفط، الذين عادة يخفضون الإنتاج عند انخفاض الأسعار لتقليل الخسائر. فقد رفعت شركة بتروتشاينا الإنتاج بنسبة 21% منذ عام 2020، فيما رفعت شركة سينوك الإنتاج بنسبة 45% منذ عام 2021، وأوقفت سينوبك انخفاض الإنتاج في حقولها متعددة السنوات.
يُعزى هذا الاتجاه إلى دعم الحكومة الصينية للحقول القديمة، بما في ذلك النفط الصخري، باستخدام تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط، ما ساعد على الحفاظ على مسار تصاعدي للإنتاج رغم انخفاض الأسعار العالمية.
استراتيجيات الحكومة الصينية لتعزيز الإنتاج
تلعب الحكومة الصينية دوراً أساسياً في قطاع النفط والغاز، حيث تنتج الشركات الوطنية نحو 85% من إجمالي النفط المحلي. في إطار خطط الحكومة لتعزيز الاستكشاف والإنتاج المحلي (2019-2025)، تم إدخال عدة تعديلات على قوانين الضرائب والرسوم الجمركية لتسهيل الإنتاج:
- خفض معدلات ضريبة الموارد بنسبة تصل إلى 40% للنفط الثقيل.
- التنازل عن رسوم الاستيراد وضريبة القيمة المضافة لمعدات حقول النفط المستوردة.
- إطلاق خطط استثمارية كبيرة من قبل بتروتشاينا تصل إلى 230 مليار رنمينبي (32 مليار دولار) في عام 2023 وحده، مع التركيز على أحواض أوردوس وجونغغار وتاريم وسونغلياو وبوهاي.
تعزيز أمن الطاقة واستراتيجيات الاكتفاء الذاتي
تركز بكين على تعزيز أمن الطاقة عبر زيادة الإنتاج المحلي وبناء احتياطيات النفط الاستراتيجية، لتقليل التأثر بالاضطرابات المحتملة في الأسواق العالمية. وفق معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، كانت الصين تركز حتى العقد الماضي على إنتاج الغاز الصخري، لكن التوترات التجارية مع الولايات المتحدة دفعت الرئيس شي جين بينغ إلى زيادة التنقيب عن النفط والغاز والإنتاج المحلي.
نتيجة لذلك، ضاعفت بتروتشاينا نفقاتها الرأسمالية المحلية والخارجية بين 2016 و2023، وزادت احتياطياتها بمقدار 1,179 مليون برميل (21%) منذ عام 2020 بعد الاكتشافات الكبرى.
حقول النفط القديمة والتقنيات الحديثة
تواجه الصين تحديات كبيرة بسبب حقول النفط القديمة التي يزيد عمرها عن نصف قرن. ومع ذلك، تمكنت بتروتشاينا من تعزيز الإنتاج باستخدام تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط مثل:
- الفيضانات المعدلة للمياه والغازية والكيميائية.
- الانتعاش الحراري والاستخلاص الميكروبي.
مثال على ذلك، حقل داتشينغ الذي أنتج أكثر من 2 مليار برميل من النفط الخام بين 2014-2023 رغم بدء الإنتاج في عام 1960.
النفط الصخري والاحتياطيات الجديدة
ركزت سينوبك على تطوير النفط الصخري في مناطق مثل شينغلي/جيانغ والحقول العميقة في حوض تاريم، مما ساعد على تعويض انخفاض الإنتاج في الحقول القديمة وزيادة احتياطياتها بشكل كبير.
الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك
على الرغم من هذا النمو، لا تزال الصين أكبر مستورد للنفط في العالم، حيث استهلكت أكثر من 16 مليون برميل يومياً، مقارنة بإنتاجها المحلي البالغ نحو 5 ملايين برميل يومياً. تستمر الفجوة في الاتساع، مما يجعل تطوير الإنتاج المحلي والسياسات الحكومية الداعمة محوراً أساسياً لاستراتيجية أمن الطاقة الصينية.
خلاصة
زيادة إنتاج النفط في الصين إلى 5 ملايين برميل يومياً لم تكن نتيجة للظروف السوقية فقط، بل نتاج سياسات حكومية استراتيجية، استثمار ضخم في التقنيات الحديثة، ودعم مكثف للحقول القديمة والنفط الصخري. هذا النمو يعزز الأمن الطاقي للصين ويقلل اعتمادها على الاستيراد، ويجعلها أكثر قدرة على مواجهة تقلبات الأسواق العالمية.
لندن – اليوم ميديا