ندوب نفسية وفوضى.. باكستان بعد الفيضانات

تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في فيضانات واسعة في بيشاور وخيبر بختونخوا، مخلفة دمارًا واسعًا وخسائر بشرية كبيرة. وفقًا للهيئة الوطنية لإدارة الكوارث، فقد لقي أكثر من 860 شخصًا مصرعهم، فيما أصيب أكثر من 1100 آخرين، كما دُمر آلاف المنازل وتضررت البنية التحتية الحيوية.

الناجون بين الصدمة والخوف

يعيش الناجون تجربة نفسية صعبة بعد فقدان منازلهم وممتلكاتهم. يقول محمد شريف، طالب جامعي، إن منزله دُمّر بالكامل وعائلته شُرّدت، مؤكداً أن الخوف والقلق يرافقانه أينما ذهب. كما يعاني الأطفال من تعطيل الدراسة وانعدام فرص التعليم بسبب غلق المدارس وتدمير المرافق التعليمية.

الصدمات النفسية بعد الكوارث الطبيعية

توضح شان زينب، أخصائية علم النفس السريري، أن الفيضانات تؤدي إلى صدمات نفسية شديدة، تشمل الشعور بالذنب، العجز، القلق، الأرق، والاكتئاب. وتضيف: “بدون دعم مناسب، يمكن أن تتفاقم هذه الصدمات لتتحول إلى اضطرابات طويلة الأمد تشمل مشاكل في الذاكرة والتنظيم الانفعالي وحتى انتقال الصدمة عبر الأجيال”.

النزوح والإغاثة الطارئة

أكثر من 25 ألف شخص يعيشون في مخيمات إغاثة في خيبر بختونخوا، بينما يلتجأ الآلاف في جيلجيت بالتستان إلى خيام مؤقتة. تقول داريا، مؤسس مركز العمل المناخي، إن هذه الفيضانات ليست شذوذًا مناخيًا، بل تحذيرات من حالة طوارئ مناخية تتطلب سياسات استجابة متكاملة.

ندوب المنقذين

يشهد المنقذون أنفسهم صدمات نفسية نتيجة التعرض المستمر للموت والدمار. يقول محمد سهيل، منسق إعلامي في خدمة الإنقاذ 1122: “العبء النفسي كبير، فالمنقذون بشر أيضًا ويشعرون بالضغط النفسي من عدم قدرتهم على إنقاذ الجميع”.

الحاجة إلى دعم الصحة النفسية

تؤكد زينب أن أقل من 500 طبيب نفسي يخدمون 240 مليون شخص في باكستان، ما يجعل التدخلات المبكرة في الصحة النفسية ضرورة ملحة لتخفيف تداعيات الكوارث على المدى الطويل. وتشير إلى أهمية إنشاء خدمات متنقلة للصحة العقلية، وتدريب المتطوعين، وحملات التوعية الوطنية لمكافحة الوصمة الاجتماعية المرتبطة بالاضطرابات النفسية.

المستقبل بعد الفيضان

رغم جهود إعادة البناء، يبقى الخوف سائدًا في قلوب الناجين. يقول شير نواب من بونر: “بإمكاننا إعادة بناء المنازل، لكن الخوف يبقى في القلوب”. ويعاني كثيرون من القلق المستمر حتى بعد انحسار المياه، مدركين أن الفيضانات قد تعود في أي وقت.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى