الطاقة تفجر صراعاً.. لبنان وإسرائيل والخليج وإيران على المحك

تشير تحليلات سياسية عربية إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تخفي نيتها في التوسع الاستيطاني داخل لبنان وسوريا، في ظل ضغوط أميركية متزايدة على بيروت لنزع سلاح حزب الله.

ويرى مراقبون أن الحديث عن تجريد الحزب من سلاحه في وقت يغرق فيه لبنان في أزمة داخلية خانقة، هو ضرب من الجنون أو تواطؤ صريح يهدد مستقبل لبنان في الوجود.

عناصر من حزب الله في لبنان

الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار بوساطة أميركية لم يوقف الهجوم الإسرائيلي على لبنان، بل غيّر فقط ساحة المعركة. فحكومة بنيامين نتنياهو – بحسب المحللين – تسعى إلى تمدد استيطاني في لبنان دون مواجهة مفتوحة، معتمدة على الضغط الأميركي على الحكومة اللبنانية لإجبارها على اتخاذ خطوات قد تفجر الداخل اللبناني.

واشنطن ودور الوسيط المنحاز

الولايات المتحدة تمارس ضغوطًا مكثفة على بيروت بزعم أن واشنطن هي القادرة على إقناع المؤسسات الدولية بضخ الأموال لإعادة الإعمار. لكن محللين لبنانيين يرون أن هذه الضغوط تجعل واشنطن شريكًا مباشرًا في خطة التوسع الإسرائيلي، وليست وسيطًا نزيهًا.

النفط يقفز فوق 70 دولاراً

وتؤكد مصادر محلية أن السفارة الأميركية في عوكر تحولت إلى مركز عصبي لإعادة رسم التوازن السياسي والأمني في لبنان، حيث تتقاطع أجندات محلية مع مصالح إقليمية ودولية تصب جميعها في مصلحة إسرائيل.

الموقف الخليجي والإيراني

رغم وجود خلافات إقليمية، إلا أن هناك شبه اتفاق بين الرياض وطهران على أهمية الحفاظ على سيادة لبنان. غير أن دول الخليج تصر على نزع سلاح حزب الله، في حين ترى إيران أن الحزب جزء من منظومة الردع ضد إسرائيل، إلى جانب الحوثيين في البحر الأحمر.

هذا التناقض يجعل لبنان ساحة صراع مصالح، إذ تخشى إسرائيل من اندلاع مواجهة مباشرة مع إيران، ما يدفعها إلى محاولة تحييد حزب الله عبر الضغط السياسي والاقتصادي.

خطوط النفط والغاز والهيدروجين

البعد الاقتصادي للأزمة لا يقل خطورة عن البعد الأمني. فالسعودية والعراق يمتلكان خطي أنابيب قديمين يمران عبر سوريا ولبنان، وتعمل الرياض على إعادة إحيائهما لضخ النفط إلى المتوسط ومنها إلى أوروبا.

كما تخطط السعودية لمشروع خط هيدروجين عبر الأردن وسوريا إلى تركيا وأوروبا، بهدف تعزيز مكانتها كمورد عالمي للهيدروجين الأخضر. إلا أن هذه الخطط تواجه عراقيل نتيجة الضغوط الأميركية والغارات الإسرائيلية على سوريا ولبنان، والتي يُنظر إليها كجزء من خطة لمنع هذه المشاريع من منافسة الممر الاقتصادي الذي تعمل إسرائيل على إنشائه لربط تجارة الخليج بالبحر المتوسط عبر ميناء حيفا.

حزب الله بين السلاح والضغط الدولي

رفض حزب الله بشكل قاطع أي نقاش حول سلاحه، معتبرًا أن أسلحة المقاومة مقدسة مثل أسلحة الجيش اللبناني. الأمين العام المساعد للحزب نعيم قاسم شدد في خطاباته الأخيرة على أن أي محاولة لفرض نزع السلاح هي إعلان مواجهة، وليست مجرد قرار سياسي.

عناصر من حزب الله في لبنان

ويؤكد مقربون من الحزب أن أي سيناريو لمواجهة بين الجيش وحزب الله غير مرجح حاليًا، خاصة في ظل موقف قائد الجيش اللبناني الرافض لهذه الخطوة. السيناريو الأكثر ترجيحًا هو تراجع الحكومة اللبنانية تحت ضغط الواقع الداخلي والخوف من انفجار مؤسسات الدولة إذا جرى تنفيذ القرار.

إيران تدخل بقوة على خط الأزمة

زيارة رئيس المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت حملت رسائل واضحة بدعم حزب الله، وأكدت أن طهران أصبحت جزءًا مباشرًا من المعادلة اللبنانية. مصادر سياسية أشارت إلى أن لاريجاني يخطط لزيارة السعودية قريبًا حاملاً رسائل حول الملف اللبناني، ما يكشف عن تقاطع مصالح إقليمي معقد بين طهران والرياض وواشنطن.

لعبة التوازن بين الحوار والانفجار

دعا رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري إلى الحوار الوطني لتجنب مواجهة داخلية خطيرة، لكن مؤشرات جدية من الحكومة الحالية ما زالت غائبة. وفي المقابل، يواصل حزب الله إعادة بناء ترسانته وتحسين دفاعاته، بينما تكثف إسرائيل تصريحاتها حول مشروع “إسرائيل الكبرى”، ما يزيد من القلق في العواصم العربية.

من الضربات التي شنتها إسرائيل على طهران في يونيو الماضي

ويرى خبراء أن المقاومة اللبنانية تعتمد حاليًا على استراتيجية التصعيد المحسوب: ممارسة الضغط السياسي والشعبي دون اللجوء إلى مواجهة عسكرية شاملة، مع الإبقاء على خيارات الردع مفتوحة في حال تجاوزت إسرائيل الخطوط الحمراء.

الخلاصة: درع المقاومة أمام مشروع إسرائيل الكبرى

الأزمة اللبنانية اليوم لم تعد مجرد ملف داخلي، بل جزء من معركة إقليمية ودولية حول الطاقة والسيادة. تقاطع مصالح الغاز والنفط والهيدروجين مع مشروع الاستيطان الإسرائيلي يجعل لبنان وسوريا محور صراع عالمي، في وقت تتسابق فيه القوى الكبرى لإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

من الهجوم الإيراني على تل أبيب

في ظل هذا المشهد، تبقى أسلحة حزب الله الدرع الأخير للبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي، خصوصًا مع ضعف الجيش الوطني واستمرار استهداف سوريا. وبحسب المحللين، فإن القانون الدولي بات عاجزًا عن حماية الدول الضعيفة، ليبقى الردع العسكري وحده الضامن لعدم ابتلاع إسرائيل للبنان ضمن مشروعها التوسعي.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى