هجوم الدوحة: واشنطن تُفاجأ وترامب خارج اللعبة

في أعقاب الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مفاوضي حركة حماس في قلب العاصمة القطرية الدوحة، بدا البيت الأبيض على الهامش فيما يتصل بوقف الصراع الذي ادعى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أنه الوحيد القادر على التوسط فيه.
التطور الجديد فاجأ الولايات المتحدة، وأظهر أن إدارة ترامب، رغم وعودها، لا تملك سوى القليل من النفوذ على حليفتها إسرائيل، خاصة بعد أن تحركت الأخيرة منفردة على أرض حليف استراتيجي لواشنطن في الخليج.
البيت الأبيض فوجئ بالهجوم الإسرائيلي
بحسب تقارير أميركية، فإن التحذيرات بشأن الضربات الوشيكة على قطر وصلت متأخرة للغاية، لدرجة أن المسؤولين الأميركيين لم يتم إعلامهم بالهجوم إلا في الوقت الذي كانت فيه طائرات إف-16 الإسرائيلية في طريقها بالفعل نحو الخليج.
رئيس الوزراء القطري كشف أن البيت الأبيض أبلغ الدوحة بالهجوم بعد عشر دقائق فقط من بدايته، مما يثير تساؤلات حول حقيقة التنسيق الأميركي ـ الإسرائيلي. أما ترامب فأصدر بيانًا قال فيه: “وجهت على الفور المبعوث الخاص ستيف ويتكوف لإبلاغ القطريين بالهجوم الوشيك، ولكن للأسف، جاء متأخرًا جدًا لوقف الهجوم.”
توازن صعب بين دعم إسرائيل والحفاظ على قطر
مع تصاعد الانتقادات، وجد البيت الأبيض نفسه محاصرًا بين سياسته في دعم حرب إسرائيل ضد حماس من جهة، والحاجة لإصلاح العلاقات مع قطر، الحليف الخليجي المهم الذي لعب دور الوسيط في مفاوضات وقف إطلاق النار.
السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت وصفت القصف بأنه “لا يخدم أهداف إسرائيل أو أميركا”. لكنها في الوقت ذاته أضافت أن “القضاء على حماس هدف جدير بالاهتمام”، في تصريح يعكس محاولة إدارة ترامب السير على الحبل المشدود.
قطر: الوساطة في مهب الريح
رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أكد أن بلاده ستواصل جهود الوساطة، لكنه شدد أن المحادثات الحالية باتت “غير صالحة بعد الهجوم”.
هذا الموقف يعكس صدمة الدوحة من الضربة، إذ كانت قطر قد لعبت دور الوسيط الأساسي منذ عامين في المحادثات بين إسرائيل وحماس، لكن الغارة وضعت هذا الدور على المحك.
خبراء غربيون: الضربة تقوّض المفاوضات
المحلل الأميركي ستيفن كوك، الزميل البارز في مجلس العلاقات الخارجية، قال: “من الصعب تخيّل أن القطريين سيواصلون ما بدأوه. لقد بذلت قطر جهودًا كبيرة لإطلاق سراح رهائن إسرائيليين، لترد عليهم بغارة جوية.”
من جانبها، تساءلت راشيل براندنبورغ، المديرة الإدارية لمكتب واشنطن في منتدى السياسة الإسرائيلية، عن نوايا نتنياهو: “إذا كان جادًا بشأن المفاوضات وإنهاء الحرب، فلماذا يهاجم القادة السياسيين الذين يتفاوضون؟”
وأضافت: “أنت بحاجة إلى طرف يتوسط وآخر يتفاوض معه، والآن باتت هذه المعادلة أكثر صعوبة بكثير.”
مقارنة مع ضربات إيران
الواقعة تذكّر بما حدث في يونيو الماضي، حين شنت إسرائيل ضربات على الأهداف العسكرية والبرنامج النووي الإيراني، ما أربك المساعي الأميركية لإحياء الاتفاق النووي.
كما وجدت قطر نفسها وقتها في قلب المواجهة بعد أن استهدفت إيران قاعدة عسكرية أميركية على أراضيها بهجوم صاروخي، تصدت له أنظمة الدفاع الأميركية بسهولة.
هل فقد ترامب زمام المبادرة؟
ترامب حاول طمأنة أمير قطر بأن مثل هذا الهجوم لن يتكرر على أراضي بلاده، لكن تصريحات السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون أوضحت العكس، حيث قال: “لن تكون هناك حصانة للإرهابيين – لا في غزة، ولا في لبنان، ولا في قطر.”
هذه التطورات تطرح سؤالًا استراتيجيًا: هل بات بنيامين نتنياهو يتصرف كـ”شرطي العالم” في المنطقة، ضاربًا بعرض الحائط حتى مصالح حلفائه؟ وفي المقابل، هل فقد ترامب بالفعل زمام المبادرة ليصبح مجرد متفرج على سياسات إسرائيل العسكرية؟
لندن – اليوم ميديا