روبيو يشكك في الدبلوماسية لإنهاء حرب غزة

في تصريح لافت، شكك وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في إمكانية إنهاء حرب غزة عبر المسار الدبلوماسي. ففي مقابلة أجراها مع قناة فوكس نيوز أثناء زيارته لإسرائيل، أوضح أن أي حل سياسي يتطلب ــ وفق رؤيته ــ نزع سلاح حركة حماس، حلّ بنيتها العسكرية والتنظيمية، والإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين، بمن فيهم من قضوا وقتلوا خلال الحرب.
ورغم إقراره بأن “المسار المثالي” هو التوصل إلى اتفاق دبلوماسي شامل، إلا أن روبيو استدرك قائلاً إن هذا الخيار يبدو بعيد المنال، مشيراً إلى أن البديل الواقعي المتبقي هو الحسم العسكري، وهو خيار لا تفضله إسرائيل نفسها على المدى الطويل.
دبلوماسية متعثرة ووساطات محدودة
زيارة روبيو إلى المنطقة تأتي في وقت تشهد فيه مساعي الوساطة تعثراً متكرراً. فالمفاوضات التي تقودها قطر بمشاركة الولايات المتحدة ومصر، لم تنجح منذ أشهر في تحقيق اختراق جدي. ويرجع ذلك إلى تباين المطالب بين إسرائيل التي تصر على نزع سلاح حماس بشكل كامل، والحركة التي تشترط وقفاً شاملاً لإطلاق النار ورفع الحصار عن غزة.
وبحسب الخارجية الأمريكية، فإن روبيو سيواصل زيارته من إسرائيل إلى الدوحة، حيث سيلتقي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في وقت حساس أعقب الضربة الإسرائيلية الأخيرة التي استهدفت قيادات حماس في العاصمة القطرية. وتشير تصريحات الوزارة إلى أن الوزير الأمريكي سيؤكد مجدداً على “التزام واشنطن بأمن وسيادة قطر”، إضافة إلى تقديرها لـ”الدور الحيوي الذي تلعبه الدوحة كوسيط”.
قراءة في الموقف الأمريكي الجديد
تصريحات روبيو تحمل دلالات أبعد من لحظتها المباشرة. فهي تكشف عن تصاعد الشكوك داخل الإدارة الأمريكية حول قدرة القنوات الدبلوماسية على إنهاء الحرب، في ظل غياب أي مؤشرات على تقديم تنازلات متبادلة. وبالنظر إلى أن روبيو ينتمي إلى جناح متشدد في السياسة الخارجية الأمريكية، فإن لهجته قد تعكس اتجاهاً أوسع داخل واشنطن نحو إعادة تقييم الرهان على الوساطة، خاصة مع طول أمد الصراع وارتفاع الكلفة الإنسانية والسياسية.
لكن في المقابل، يرى بعض المحللين أن تصريحات الوزير قد تكون أيضاً جزءاً من استراتيجية ضغط، تهدف إلى رفع سقف التوقعات والدفع بحماس ـ وربما قطر ـ إلى تقديم تنازلات أكبر. فواشنطن تدرك أن الحسم العسكري، مهما بدا حتمياً على لسان روبيو، لن يضمن استقرار غزة ولا إعادة تأهيلها سياسياً واقتصادياً بعد الحرب.
قطر بين الدور الوسيط وضغوط واشنطن
يكتسب الجانب القطري من جولة روبيو أهمية خاصة. فبعد الضربة الإسرائيلية في الدوحة، تسعى الولايات المتحدة إلى طمأنة قطر بشأن التزامها الأمني، خشية أن تتراجع الدوحة عن دورها في الوساطة. فالولايات المتحدة تعتمد على قنوات قطرية لإيصال رسائل غير مباشرة إلى حماس، في ظل انقطاع التواصل المباشر.
إلا أن المعضلة تكمن في أن هذا الدور الوسيط يجعل قطر عرضة لضغوط متناقضة: من جهة، مطالبة واشنطن وتل أبيب بالضغط على حماس، ومن جهة أخرى، حاجة الحركة إلى ضمانات حقيقية بشأن وقف النار وإعادة الإعمار. وهنا، تبرز تصريحات روبيو كإشارة إلى أن الإدارة الأمريكية مستعدة لاستخدام العصا أكثر من الجزرة في المرحلة المقبلة.
آفاق غامضة للمسار الدبلوماسي
في المحصلة، يبدو أن الطريق إلى وقف إطلاق النار ما زال وعراً. فبينما تلوّح واشنطن عبر روبيو بإمكانية القبول بالخيار العسكري إذا فشل الدبلوماسي، تدرك في الوقت ذاته أن أي حسم عسكري لا يمكن أن ينهي جذور الصراع، ولا يضمن أمن إسرائيل على المدى البعيد.
بالنسبة للمراقبين الغربيين، فإن تصريحات الوزير الأمريكي تمثل لحظة اختبار لمصداقية الرؤية الأمريكية في الشرق الأوسط: هل ما زالت الولايات المتحدة متمسكة بالحلول الدبلوماسية، أم أنها تستعد للانزلاق نحو دعم عملية عسكرية طويلة المدى، ستدفع ثمنها غزة قبل غيرها؟
لندن – اليوم ميديا