الملف النووي الإيراني.. خطوة طهران التي تهز الترويكا

استدعت طهران سفراءها في برلين وباريس ولندن (دول “الترويكا” الأوروبية) للتشاور، ردًا على ما وصفته وزارة الخارجية الإيرانية بـ”السلوك غير المسؤول” لتلك الدول في التعامل مع الملف النووي الإيراني ومحاولات إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. ويأتي هذا التصعيد في ظل تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات وإثارة سجال دبلوماسي وقانوني على مستوى مجلس الأمن الدولي.

تفاصيل الاستدعاء وموقف الخارجية الإيرانية

أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بيانًا اعتبرت فيه أن قيام بريطانيا وفرنسا وألمانيا باستغلال آلية تسوية الخلافات ضمن الاتفاق النووي بهدف إعادة فرض قرارات مجلس الأمن القديمة يمثل تصرّفًا “غير مسؤول”. وبناءً عليه، تم استدعاء سفراء الجمهورية الإسلامية في العواصم الثلاث للتشاور وإطلاعهم على الموقف الرسمي لطهران.

وجاء في البيان أن إعادة فرض أي قرارات مجلس الأمن التي رُفعت سابقًا بموجب اتفاق 2015 يُعدّ خرقًا لالتزامات الأطراف ويستدعي رداً دبلوماسياً من إيران.

رد إيران أمام مجلس الأمن: لا شرعية لإعادة العقوبات

خلال جلسة لمجلس الأمن، دعا نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رئيس المجلس والأمين العام للأمم المتحدة إلى اعتبار أي خطوات لإعادة فرض العقوبات على طهران “غير قانونية”. وهاجم العراقجي ما اعتبره تحالفًا دوليًا تواطأ ضد الدبلوماسية، مؤكداً أن طهران لن تقبل العودة إلى عزلة تفرضها آليات سياسية وقانونية مجتزأة.

موقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لا دلائل على رفع التخصيب

صرّح مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي بعدم وجود مؤشرات حالية على قيام إيران برفع مستوى تخصيب اليورانيوم. وأوضح أن الوكالة لاحظت أن بعض المنشآت النووية تعرضت لضربات وتعطيل، وأن قدرة إيران التقنية على مواصلة التخصيب موجودة نظريًا لكنها غير مستغلة لتصعيد فوري في ظل التوتر الدولي.

وأضاف غروسي أن بعض أجهزة الطرد المركزي تضررت فيما بقيت أخرى سالمة، ما يجعل الإمكانية التقنية موجودة، لكن التنفيذ مرتبط بقرارات سياسية وفنية.

خلفية آلية “الترويكا” وإعادة فرض العقوبات

في 28 أغسطس الماضي، قامت بريطانيا وفرنسا وألمانيا بإخطار مجلس الأمن ببدء تفعيل آلية إعادة العقوبات الدولية على إيران، وهي آلية منصوصة ضمن محاور اتفاق 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتتيح هذه الآلية للدول الموقعة إخطار مجلس الأمن بأي خروقات مزعومة، واتخاذ خطوات قد تؤدي إلى إعادة قرارات عقابية سابقة.

وتأتي هذه الخطوات في سياق توتر دولي متصاعد حول الملف النووي الإيراني وتصاعد الهجمات على منشآت إيرانية نووية في أعقاب توترات إقليمية وأعمال تخريبية معلنة أو مكتشفة.

انعكاسات دبلوماسية وقانونية محتملة

  • شرعية الإجراءات: شدد الجانب الإيراني على أن أي محاولة لإعادة فرض عقوبات عبر آليات مستغلة اعتباطًا ستواجه طعونًا دبلوماسية وقانونية، وربما خطوات انتقامية على مستوى العلاقات الثنائية.
  • الوكالة الدولية: تبقى بيانات الوكالة المرجع الفني الأساسي لتقييم أي تغيير في مستوى تخصيب إيران أو أي انتهاك فني لالتزاماتها.
  • التصعيد الإقليمي: يفتح احتمال تزايد الحشد السياسي والدبلوماسي، وربما عمليات انتقامية، أفقًا لحساسية كبيرة قد تتطلب وساطات لمنع تفلّت الأزمة.

ماذا يعني هذا للمشهد الدولي؟

استدعاء السفراء مؤشر واضح على أن الملف النووي لم يعد موضوعًا فنيًا محضًا، بل أصبح أداة ضغط دبلوماسي وسياسي. التصعيد بين طهران والترويكا يفتح نافذة لسيناريوهات متعددة: من مفاوضات جديدة أو وساطات دولية، إلى توتر قانوني قد يصل إلى مجلس الأمن أو الهيئات القضائية الدولية. في الوقت نفسه، يلعب موقف الوكالة الدولية دورًا موازنًا بين القرارات السياسية والوقائع الميدانية.

الاستدعاء الإيراني لسفراء بريطانيا وفرنسا وألمانيا يعكس تصعيدًا دبلوماسيًا متوقعًا بعدما أدت محاولات إعادة فرض العقوبات إلى إحداث شرخ سياسي وقانوني. يبقى العامل الحاسم هو تطور الوضع الفني على الأرض (مستوى التخصيب والوقائع الميدانية)، إلى جانب قدرة المجتمع الدولي على الحفاظ على آليات قانونية ووساطية تحول دون امتداد الخلاف إلى مواجهة أوسع.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى