نداءات لإنقاذ الفاشر: قرقاش يحذر من فشل الحل العسكري في السودان
سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش السوداني في دارفور، بعد حصار طويل استمر أكثر من 18 شهرًا. هذا الحدث يشكل نقطة تحول استراتيجية في مسار النزاع، إذ يمنح قوات الدعم السريع فرصة لتكريس سلطتها في الإقليم، بينما يواجه نحو 250 ألف مدني تهديد المجاعة وانعدام الخدمات الأساسية.
المدينة شهدت حصارًا خانقًا، مصحوبًا بقصف مكثف بالمروحيات والطائرات المسيّرة والمدفعية الثقيلة، ما أدى إلى تدهور الوضع الإنساني بشكل حاد. تقارير محلية أفادت بحدوث انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، بما في ذلك عمليات سطو، اعتداءات جنسية، وإعدامات ميدانية خلال محاولاتهم الفرار من مناطق القتال.
الأزمة الإنسانية في الفاشر: تحذيرات دولية عاجلة
الأمم المتحدة حذرت من كارثة إنسانية شاملة في الفاشر. الأمين العام، أنطونيو جوتيريش، شدد على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، محذرًا من أن استمرار القتال قد يقوض فرص السلام ويزيد من معاناة المدنيين.
كما أشار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى أن الوضع في الفاشر حرج للغاية مع خطر متزايد للانتهاكات العرقية، القتل العشوائي، والعنف الجنسي ضد النساء والفتيات. ودعا تورك جميع الأطراف لضمان حماية المدنيين واحترام القانون الدولي الإنساني، محذرًا من أن استمرار النزاع سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات والدمار في دارفور.
الجيش والدعم السريع: مواجهة مفتوحة على الأرض
رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، وصف الانسحاب من الفاشر بأنه خطوة استراتيجية مؤقتة، مؤكدًا أن قواته ستنتصر وتنتقم لأهالي المدينة. البرهان وصف سقوط الفاشر بأنه خزي وهزيمة للتمرد، مشددًا على عزمه استعادة كل الأراضي السودانية والقضاء على ميليشيات التمرد.
في المقابل، ترى قوات الدعم السريع أن السيطرة على المدينة تمنحها فرصة لتكريس حكمها المحلي في دارفور، إذ أعلنت تشكيل حكومة محلية في الإقليم خلال صيف 2025. هذا يعزز احتمال تقسيم فعلي للنفوذ بين الجيش والميليشيات شبه العسكرية، مع انعكاسات مباشرة على الاستقرار السياسي والأمني في السودان.
قرقاش: السياسة فقط تنقذ السودان
أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، عبر حسابه على أكس، أن خسارة الجيش السوداني لمدينة الفاشر بعد حصار طويل تمثل مرحلة فارقة تستوجب التعقّل والواقعية، مؤكّدًا أن المسار السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء الحرب الأهلية.
وأضاف قرقاش أن بيان الرباعية الدولية وخريطة الطريق يشكّلان الإطار المدعوم دوليًا لاستعادة الاستقرار، مشددًا على أن الوضع الإنساني الحرج في السودان لا يحتمل المزيد من التصعيد العسكري.
تصريحات قرقاش تأتي نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي لتكثيف الجهود الدبلوماسية وضغط الأطراف السودانية على العودة إلى الحوار، بدلًا من الاعتماد على القوة العسكرية التي تزيد الانقسامات والمعاناة الإنسانية.
انعكاسات السيطرة على الفاشر
المراقبون يرون أن السيطرة على الفاشر قد تؤدي إلى عدة نتائج استراتيجية:
- تقسيم فعلي للنفوذ الإقليمي بين الجيش والقوات شبه العسكرية.
- تفاقم الأزمة الإنسانية نتيجة الانتهاكات المستمرة وتأخر إيصال المساعدات.
- ضغوط دولية متزايدة لإجبار الأطراف السودانية على الحل السياسي واستعادة الاستقرار.
من الواضح أن استمرار الصراع العسكري لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات والدمار، بينما الحل السياسي الجاد يمثل فرصة نادرة لإيقاف نزيف الدم وتحقيق استقرار دائم في السودان.
السودان على مفترق طرق
خسارة الفاشر تمثل مؤشرًا قويًا على تحول ميزان القوى في دارفور، لكنها أيضًا تذكير صارخ بأن الانتصار العسكري لن يحل الأزمة الإنسانية والسياسية. تصريحات الدكتور أنور بن محمد قرقاش تؤكد أن الحوار السياسي هو السبيل الوحيد لإعادة السلام، وأن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي أمام استمرار الانتهاكات.
السودان اليوم أمام خيارين واضحين: استمرار الحرب يعني مزيدًا من المعاناة والانقسام، بينما الحل السياسي والتفاوضي يمثل فرصة لإنهاء النزيف وتحقيق استقرار دائم وحماية المدنيين.
لندن – اليوم ميديا





