image

من لقاء ترامب والشرع في الرياض

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ عام 2004، ابتداءً من الأول من يوليو 2025. القرار، الذي استثنى بشار الأسد ودائرته المقربة من السياسيين والعسكريين، يأتي في إطار سعي واشنطن لإعادة ضبط مقاربتها للملف السوري، بعد الانهيار المفاجئ للنظام السابق وصعود قيادة انتقالية برئاسة أحمد الشرع.

ووفقًا للبيان الصادر عن البيت الأبيض، فإن العقوبات المرفوعة تشمل معظم القطاعات الاقتصادية والمالية، بينما تبقى العقوبات المفروضة على منتهكي حقوق الإنسان، وتجار المخدرات، ومطوري الأسلحة الكيميائية سارية.

وزارة الخارجية الأمريكية أشارت إلى نيتها مراجعة تصنيف سوريا كـ”دولة راعية للإرهاب”، وفتح الباب أمام تخفيف العقوبات الأممية في إطار دعم الاستقرار.

البعد السياسي: واشنطن تعيد تموضعها

يرى السفير الأمريكي الأسبق في الشرق الأوسط، دانييل كيرتزر، أن القرار “يُعبّر عن رغبة حذرة لإعادة دمج سوريا في النظام الإقليمي، دون مكافأة مباشرة للأسد”، مضيفًا أن “استثناء القيادة السابقة يعكس رغبة في عزلها عن أي شرعية مستقبلية”.

كما يشير مراقبون إلى أن اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين سوريين جدد ومحافظ البنك المركزي مع ممثلي صندوق النقد والبنك الدولي في واشنطن، هي مؤشرات على تحول في الموقف الأمريكي، خصوصًا بعد انهيار نظام الأسد وسيطرة قوى انتقالية جديدة.

البعد الاقتصادي: بوادر انتعاش مشروط

اقتصاديًا، يرى الخبير في شؤون الشرق الأوسط مارتن إلدن من معهد بروكينغز، أن رفع العقوبات سيمهد الطريق أمام تدفق الاستثمارات في مجالات البنية التحتية والطاقة والخدمات المصرفية، لكن بشرط وجود ضمانات للشفافية المالية وإبعاد مؤسسات النظام السابق عن دائرة القرار.

ويرجّح أن تبدأ مؤسسات التمويل الدولية بدراسة خطط إنقاذ اقتصادي مشروط لسوريا الجديدة، بالتوازي مع التزام أمريكي واضح بتوجيه المساعدات نحو التنمية لا الحلفاء.

تحديات مستمرة

مع ذلك، تبقى التحديات كبيرة. إذ ما زال النظام المصرفي هشًا، والبيئة القانونية محفوفة بالمخاطر، إضافة إلى الشكوك حول قدرة الحكومة الانتقالية على فصل نفسها بشكل فعلي عن شبكات الفساد السابقة.

الخلاصة:

رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا هو قرار بحسابات دقيقة. لا يُعدّ “ضوءًا أخضر” مباشرًا لأي نظام، لكنه يُقرأ ضمنيًا كفرصة ممنوحة للنظام الانتقالي بقيادة أحمد الشرع، شريطة أن يلتزم بالمسار السياسي والاقتصادي المقبول دوليًا.

واشنطن، باستثنائها للأسد وشركائه، توجّه رسالة واضحة: لا عودة إلى الوراء، ولا مستقبل لمن تلطخت أيديهم بالدماء.

د. ألكسندر وينتر – محلل شؤون الشرق الأوسط | لندن – اليوم ميديا