image

علما السعودية والإمارات

لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة، وبالأخص دبي، الرائدة الاقتصادية الإقليمية التي تجذب الاستثمارات الأجنبية وتزدهر بمشاريع الأعمال والسياحة. لكن السنوات الأخيرة شهدت تصاعدًا واضحًا في التنافس الاقتصادي مع السعودية، التي أعلنت عبر رؤية 2030 عن خطة طموحة لتحويل اقتصادها وتنويعه بعيدًا عن النفط، لتنافس الإمارات على زعامة المنطقة.

رؤية 2030 ورغبة الرياض في السيطرة الاقتصادية

تهدف رؤية 2030 بقيادة ولي العهد محمد بن سلمان إلى جعل السعودية مركزًا عالميًا للاستثمار، عبر مشاريع ضخمة مثل مدينة نيوم الذكية ومشروع البحر الأحمر. ورغم أن الإمارات لا تزال تحتفظ بريادتها، إلا أن السعودية سجلت نموًا كبيرًا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ ارتفع إلى 25.6 مليار دولار في 2023، بنسبة زيادة 50% عن العام السابق.

قيود سعودية تصعّد التنافس

لم تقتصر المنافسة على جذب الاستثمارات فقط، بل شهدت تصعيدًا بإجراءات سعودية تضمنت فرض قيود على الواردات من دول مجلس التعاون، خصوصًا على المنتجات المصنعة في المناطق الحرة الإماراتية، واشتراط نقل مقار الشركات متعددة الجنسيات إلى السعودية للاستفادة من العقود الحكومية، ما أثار توترات غير مسبوقة مع الإمارات.

الإمارات تردّ بخطوات استراتيجية

بينما تشعر الإمارات بالضغوط، فهي تحاول تخفيف الأثر من خلال عقد اتفاقيات شراكة اقتصادية واسعة مع دول مثل الهند وإسرائيل وتركيا، معتمدة على نظام أعمال راسخ وجاذب للشركات متعددة الجنسيات. في المقابل، تحافظ الإمارات على مكانتها القوية كمركز إقليمي للأعمال، رغم التحديات.

هل يهدد التنافس وحدة مجلس التعاون الخليجي؟

يشكل التنافس الاقتصادي تحديًا لوحدة مجلس التعاون الخليجي، خاصة مع الخلافات الجغرافية والاقتصادية بين السعودية والإمارات، وتوتر العلاقة بين قيادتي البلدين. إلا أن الخبراء يرون أن هذه المنافسة طبيعية وقد تدفع إلى تحسين الأداء، طالما أن العلاقات تظل مفتوحة وتتجنب الصراعات التي قد تضر بالمنطقة.

مستقبل التعاون والتنافس

يرى محللون أن التعاون الإقليمي لا يزال الخيار الأمثل للحفاظ على مكتسبات دول الخليج، لكن المنافسة بين الرياض وأبوظبي ستستمر على الأرجح في شكل تنافس صحي يعزز الجودة والابتكار، مع الحفاظ على مصالح الدول والشركات المحلية والعالمية.

خلاصة

التنافس الاقتصادي بين السعودية والإمارات هو معركة من نوع خاص في قلب الخليج، يعكس طموحات البلدين لإعادة صياغة موازين القوى الاقتصادية. هذا الصراع يحمل فرصًا وتحديات للمنطقة، ويستلزم توازنًا دقيقًا بين التعاون والمنافسة للحفاظ على الاستقرار والنمو المستدام.

لندن – اليوم ميديا