pngtree-map-of-syria-hama-western-photo-image_2367882

خريطة سوريا

ليس بسبب النفط ولا الموارد الطبيعية. الصراع فوق سوريا لا يشبه الصراع على العراق. هو صراع جيوسياسي بامتياز، فرضه الموقع الاستراتيجي لسوريا بين الخليج وتركيا وإيران وروسيا وأوروبا.

سوريا هي عقدة مواصلات بين آسيا والبحر المتوسط، وبين شرق المتوسط ووسط آسيا. ولهذا السبب أصبحت منذ 2011 ساحة المواجهة الكبرى في القرن الحادي والعشرين.

إيران: ضرورة استراتيجية لضمان الممر الشيعي

منذ 1979، وإيران تبحث عن منفذ نحو المتوسط. وسوريا، بالنسبة لطهران، ليست مجرد حليف بل امتداد أمني حيوي يضمن استمرارية ما يُعرف بـ”الهلال الشيعي” الممتد من طهران إلى بيروت.

سقوط النظام السوري يعني عزل إيران من الغرب، مهما كانت سيطرتها في العراق.

روسيا: آخر موطئ قدم على المتوسط

سوريا تُعد بالنسبة لروسيا قاعدة عسكرية لا يمكن التفريط بها. فمنذ بداية الألفية، بدأت موسكو تستعيد نفوذها وتواجه تمدد الناتو. وكان بقاء الأسد شرطًا لبقاء التوازن مع الغرب، ولحماية حليفها الإيراني.

كما أن قاعدة طرطوس تُمثّل نقطة ارتكاز بحرية استراتيجية لروسيا.

الصين: الحذر من امتداد عدوى الثورات

رغم بُعدها، ترى الصين في سوريا بوابة تأثير على دول وسط آسيا، وتخشى من انتقال عدوى الثورة إلى جمهوريات إسلامية تحكمها أنظمة استبدادية قريبة من النموذج السوري.

ولهذا استخدمت الصين الفيتو مرارًا لحماية النظام.

تركيا: من الحلم الإخواني إلى الكابوس الكردي

دعمت تركيا الثورة السورية طمعًا في وصول الإسلاميين للحكم، لكنها واجهت كابوسًا استراتيجيًا: إمكانية قيام كيان كردي شمال سوريا. فانتقلت الأولوية التركية من إسقاط النظام إلى منع الانفصال الكردي.

الخليج: قطع اليد الإيرانية في الشام

رأت دول الخليج أن سقوط الأسد فرصة استراتيجية لضرب نفوذ إيران. دعمت المعارضة، ولكن بدافع سياسي أكثر من كونه ديمقراطي. لم تكن دمشق الهدف بقدر ما كان إنهاء التمدد الإيراني.

أمريكا والغرب: الإدارة لا الحسم

أرادت واشنطن تحويل سوريا إلى مستنقع استنزاف لخصومها: إيران، روسيا، وتركيا. فدعمت الأكراد، وفرضت عقوبات، وأدارت الصراع دون أن تحسمه. الأمن الإسرائيلي هو الدافع الأول للغرب، لا الديمقراطية.

إسرائيل: بين السكون والمراقبة

رغم غياب الدور العلني، إلا أن إسرائيل تتابع بدقة تفاصيل ما يجري في سوريا، وتحتفظ بحرية حركة جوية في الأجواء السورية، وترى في استمرار الأزمة وسيلة لضمان حدود آمنة بلا دولة قوية في الجوار.

خلاصة:

تحوّلت سوريا إلى رقعة شطرنج تتصارع عليها قوى كبرى. ما يجري فيها يتجاوز ثرواتها إلى موقعها ودورها في شبكة التوازنات الإقليمية. لهذا لن تنتهي الحرب قريبًا، لأن الحسم يعني تغيير قواعد اللعبة في المنطقة كلها.

لندن – اليوم ميديا