image

الشرع لدى استقباله من عبدالله بن زايد في أبوظبي.

في خطوة تحمل دلالات سياسية واضحة، وصل أحمد الشرع، الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، إلى دولة الإمارات العربية المتحدة للمرة الثانية منذ توليه منصبه، حيث استقبله وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد،  وفقًا لبيان نشرته الرئاسة السورية عبر منصة “إكس” تويتر سابقا.

هذه الزيارة تأتي في توقيت حساس تشهد فيه المنطقة تغيرات دبلوماسية متسارعة، خصوصاً مع بوادر تحركات عربية نحو التطبيع مع دمشق بعد سنوات من العزلة السورية الإقليمية.

الإمارات ودمشق: هل تفتح أبوظبي باب التطبيع؟

زيارة الشرع الثانية خلال ثلاثة أشهر فقط تعكس رغبة واضحة من الإمارات في تعزيز الحوار مع دمشق. أبوظبي كانت من أوائل الدول العربية التي بدأت تحركات نحو إعادة بناء جسور العلاقات مع سوريا بعد الأزمة الطويلة، مستفيدة من تحولات جيوسياسية إقليمية ودولية، وخصوصاً مع ارتفاع أهمية الملف السوري في توازنات الشرق الأوسط.

وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن الإمارات تسعى لاستثمار موقعها كوسيط مؤثر، حيث يمكن أن تلعب دوراً محورياً في مسار التطبيع بين دمشق والعواصم العربية، بما في ذلك احتمالات التواصل أو التنسيق مع إسرائيل، التي تربطها علاقات تطبيعية غير معلنة مع أبوظبي.

هل ترتبط الزيارة بمسار التطبيع مع إسرائيل؟

يُعتقد أن زيارة أحمد الشرع والإمارات ليست منعزلة عن الجهود الإقليمية التي تحاول دفع ملف التطبيع في المنطقة، خاصة بعد اتفاقات إبراهام التي فتحت الباب أمام علاقات جديدة بين إسرائيل ودول عربية عدة. رغم أن دمشق لم تعلن رسمياً عن أي مفاوضات تطبيع مع تل أبيب، إلا أن تحركات أبوظبي تُفسر كإشارة على محاولات بناء حوار شامل يمكن أن يتجاوز الملفات الثنائية.

رأي خبير غربي: “زيارة الشرع تعكس إعادة ترتيب أوراق إقليمية”

يقول ديفيد هاريسون، الباحث في الشؤون الشرق أوسطية بمركز أبحاث دولي في واشنطن:
“زيارة أحمد الشرع الثانية للإمارات تعكس محاولة الإمارات اللعب بدور أكبر في المنطقة عبر تفعيل علاقاتها مع دمشق، لا سيما في ظل المنافسة الإقليمية مع إيران وتركيا. الإمارات تسعى إلى بناء جبهات دبلوماسية جديدة تضمن لها موقعاً قوياً في أي تسوية إقليمية مستقبلية”.

ما هي تداعيات الزيارة على المشهد السياسي السوري؟

الزيارة تأتي في وقت تزداد فيه أهمية الدور الإماراتي في دعم إعادة إعمار سوريا اقتصادياً ودبلوماسياً. فتح أبواب الاستثمار والتعاون التجاري مع دمشق يمكن أن يشكل ضغطاً على الأطراف الدولية لرفع العقوبات، خاصة مع استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا. كما أن التقارب الإماراتي السوري قد يؤثر في مواقف الفصائل الفلسطينية واللبنانية التي لها علاقات مع دمشق.

الإمارات كحلقة وصل إقليمية

الإمارات التي استثمرت بشكل كبير في إعادة بناء تحالفاتها الشرق أوسطية خلال السنوات الأخيرة، تنظر إلى سوريا كحليف محتمل يعزز من موقعها الاستراتيجي. واستقبال عبدالله بن زايد لأحمد الشرع في هذا التوقيت يدل على نية واضحة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية وتوسيع التعاون في ملفات الأمن والاقتصاد، وهو ما قد يسرع من حركة التطبيع الشاملة في المنطقة.

خاتمة

زيارة أحمد الشرع الثانية إلى الإمارات ليست مجرد حدث عابر، بل هي مؤشر قوي على تحولات دبلوماسية إقليمية قد تعيد تشكيل خارطة التحالفات في الشرق الأوسط، مع احتمال تأثير مباشر على مسارات التطبيع بين دمشق وبعض الدول العربية، وربما تل أبيب. متابعة هذه التحركات بدقة ستكشف الكثير عن مستقبل العلاقات الإقليمية في الأشهر القادمة.

لندن – اليوم ميديا