
رتل من شاحنات بيك آب تابعة للجيش المالي في منطقة الحدود الثلاثية 2021
نشرت صحيفة جون أفريك تقريرًا مفصلاً يستند إلى تحقيق منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية، يوثق فظائع وانتهاكات خطيرة ارتكبها الجيش المالي ومرتزقة شركة “فاغنر” الروسية ضد المدنيين من قبيلة الفولاني في مناطق وسط وشمال مالي، خلال الفترة بين يناير ومايو 2025. تشمل هذه الفظائع عمليات تعذيب، إعدامات ميدانية، اختفاء قسري، وعمليات دمار شاملة للقرى.
شهادات مروعة تؤكد حجم الانتهاكات
يروي شاب مالي من قرية فاراما بمنطقة تمبكتو تفاصيل مروعة عن هجوم نفذته القوات المسلحة المالية ومرتزقة “فاغنر” في 26 مارس 2025، حينما هاجموا قريته وارتكبوا فظائع تعذيب وقتل بحق المدنيين من قبيلة الفولاني. يقول الشاب: “كنت أستريح على ضفاف النهر مع أخي وثلاثة رجال آخرين، عندما وصل جنود في شاحنات صغيرة ومدرعات قرابة الظهر. بالكاد تمكنت من الهرب والاختباء في الأدغال. وبعد ساعات، عدت لأجد بركة دم وقطعًا من الجثث، وآثار تعذيب مروعة.”
تجمع منظمة هيومن رايتس ووتش 16 شهادة مماثلة، توثق حالات تعذيب وإعدامات واختفاء قسري، وتركز على استهداف رجال قبيلة الفولاني، ما يشير إلى نمط ممنهج من الانتهاكات في مناطق متعددة.
مقابر جماعية وجرائم قتل مروعة
في قرية سيبابوغو بمنطقة كايس، اختطف الجيش المالي ومرتزقة “فاغنر” 65 رجلاً من الفولاني بتهمة الإرهاب في 12 أبريل 2025. بعد تسعة أيام، عثر أهالي القرية على 13 جثة قرب معسكر كوالا، وبعدها بأيام تم اكتشاف 30 جثة أخرى متناثرة، غطتها علامات التعذيب والتحلل، مما صعّب التعرف عليها.
شهد أحد الأهالي وهو يصف العثور على جثة والده معصوب العينين ومقيد اليدين، قائلاً: “عندما عدت إلى القرية وجدت جثة والدي في المنزل، معصوب العينين ويداه مقيدتان، وأطلقوا عليه النار في مؤخرة رأسه.”
استراتيجية “الأرض المحروقة” وتدمير القرى
كشف التقرير عن تنفيذ ما يسمى باستراتيجية “الأرض المحروقة” حيث دمر الجيش المالي ومرتزقة “فاغنر” قرى يُعتقد أنها ملاذات للجهاديين، من خلال إحراق منازل السكان وترويع المدنيين. مثال على ذلك هجوم 23 يناير 2025 في قرية كوبو بمنطقة دوينتزا، حيث تم اعتقال الرجال وتعذيبهم ثم إعدامهم بدم بارد، فيما أظهرت صور الأقمار الصناعية لاحقاً انتشار الحرائق والدمار.
أحد الناجين قال: “نحن الفولاني نهرب عند وصول الجنود لأنهم يعتبروننا جميعًا جهاديين. إن لم نهرب، يقتلنا الجهاديون بزعم أننا متعاونون مع الجيش. لا أحد يرحمنا.”
العنف المزدوج: بين الجيش والجهاديين
بالإضافة إلى العنف من الجيش والمرتزقة، يعاني المدنيون من تهديدات دائمة من الجماعات الجهادية، التي تمارس بدورها اعتداءات شنيعة، كما حدث في قرية بليداندجي في 30 مارس 2025، حيث اعتدى جهاديون على نساء لم يرتدين الحجاب وأعدموا مدنيين، مما وضع السكان في مواجهة مستمرة بين خطرين.
دعوات لتحقيق العدالة والضغط الدولي
أشارت إيلاريا أليجروزي، معدة التقرير، إلى مسؤولية المجلس العسكري المالي عن الجرائم التي ارتكبها الجيش والمرتزقة، ودعت إلى إجراء تحقيقات فورية للكشف عن مصير المعتقلين، ومحاسبة المسؤولين، مع احترام القانون الدولي الإنساني.
وطالبت أليجروزي الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بالضغط على السلطات المالية لوقف هذه الانتهاكات، والبدء في تحقيقات شفافة تعيد حقوق الضحايا وتعوض عائلاتهم.
لندن – اليوم ميديا