image

الصمغ العربي في السودان (أرشيفية)

منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان وسيطرة مليشيا الدعم السريع على أجزاء واسعة من إقليم كردفان ودارفور، يشهد البلد نزيفًا ممنهجًا لثرواته الطبيعية. وعلى رأسها يأتي الصمغ العربي، الذي أصبح اليوم يموّل آلة الحرب بدلًا من دعم الاقتصاد.

يمثل السودان نحو 80% من الإنتاج العالمي للصمغ العربي، وهو مكون أساسي في صناعات الأغذية والمشروبات والأدوية. وتستخدمه علامات تجارية كبرى مثل كوكاكولا وM&M’s.

تهريب منظم وسوق سوداء عابرة للحدود

بحسب تقرير رويترز، يُهرّب الصمغ العربي من مناطق النزاع إلى دول مثل تشاد، كينيا، مصر، وجنوب السودان بأسعار متدنية، تصل أحيانًا إلى 3500 دولار للطن مقابل السعر الرسمي البالغ أكثر من 5000 دولار.

صمغ الهشاب في الأسواق العالمية بثمن بخس

يقول محمد حسين سورج، مؤسس شركة “الوحدة” في الخرطوم:

“تجار من السنغال وتشاد عرضوا عليّ شحنات صمغ هشاب دون شهادات منشأ، وبأسعار مشبوهة… هذا مؤشر واضح على التهريب.”

الدعم السريع: حارس التهريب مقابل رسوم “الحماية”

تفرض قوات الدعم السريع إتاوات على التجار نظير السماح بمرور الشحنات، وتؤمّن طرق التهريب عبر حدود السودان مع دول الجوار. وتحدث تجار ومصادر لصناعة المكونات الغذائية إلى رويترز مؤكدين أن الصمغ يظهر بكثافة في أسواق لم تكن تصدّره أصلًا.

“كل الصمغ في السوق اليوم مهرب، ببساطة لأنه لا توجد سلطة شرعية في مناطق إنتاج الهشاب”، يقول هيرفيه كانيفيت، متخصص في سلسلة الإمداد الغذائي.

انهيار صادرات السودان وظهور “بدائل وهمية”

في العام التالي لاندلاع الحرب، تراجعت صادرات السودان من الصمغ العربي لأوروبا، بينما زادت واردات أوروبا من دول مثل الكاميرون، السنغال، وجنوب السودان — رغم أنها لا تملك أساسًا أشجار الهشاب.

الشركات العالمية تحت الضغط الأخلاقي

شركات مثل Nexira، Ingredion، Alland & Robert، تحوّلت إلى مصادر بديلة بعد بدء الحرب، لكن الشفافية ضعيفة، وشحنات مهربة قد تكون تسللت إلى خطوط الإنتاج.

رغم تصريح “جمعية الترويج الدولي للصمغ” بعدم وجود دليل يربط الدعم السريع بالسلسلة، تقول 5 مصادر صناعية لرويترز إن السوق يغمره الآن صمغ مجهول المصدر.

حظر تصدير رسمي أم إعادة تموضع تكتيكي؟

في أكتوبر 2024، أعلنت قوات الدعم السريع حظر تصدير 12 سلعة إلى مصر، منها الصمغ العربي، بسبب “غارات جوية مصرية مزعومة”. لكن البيانات والتقارير تشير إلى أن الحظر لم يوقف التهريب، بل أعاد توجيهه إلى منافذ جديدة تحت أعين المليشيا.

الخاتمة: مورد عالمي مختطف في الظل

الصمغ العربي الذي يُستخدم لتثبيت النكهات وإنتاج الأدوية، بات اليوم رمزًا لما يحدث حين تتحكم الميليشيات بموارد دولة. وبينما تغض الأسواق العالمية الطرف، تتدفق أرباح الصمغ إلى جيوب أمراء الحرب، لا إلى أطفال السودان الذين يعانون الجوع والموت.

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE