image

ماكرون وعباس

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2025، لتصبح بذلك أول دولة من مجموعة السبع تتخذ هذه الخطوة. ويُتوقع أن يشكّل هذا القرار سابقة دبلوماسية قد تحفّز دولاً أوروبية أخرى، مثل بريطانيا، على الاعتراف بدولة فلسطين، ما سيزيد الضغط على إسرائيل ويعيد رسم خارطة مواقف القوى الكبرى من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

الاعتراف بفلسطين: رمزية قوية أم تأثير حقيقي؟

يُعد الاعتراف بدولة فلسطين خطوة رمزية عميقة، لكنها تحمل أيضًا تداعيات سياسية وقانونية جوهرية. ورغم أن التغيير الفعلي على الأرض قد يكون محدودًا في البداية، إلا أن هذه الخطوة تعزّز المكانة القانونية والدبلوماسية للفلسطينيين، وتمنحهم أدوات جديدة لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي على الصعيد الدولي.

ماذا يعني الاعتراف للفلسطينيين؟ المكاسب القانونية والدبلوماسية

بحسب منظمة العفو الدولية، فإن الاعتراف الدولي بفلسطين يمنح الفلسطينيين:

  • مكانة دولية أعلى: يعزز شرعية فلسطين كدولة قائمة بحد ذاتها، ويؤكد على حق تقرير المصير.
  • نفوذ قانوني: يمنحهم القدرة على ملاحقة إسرائيل قانونيًا في المحاكم الدولية، خاصة بعد قبول المحكمة الجنائية الدولية بفلسطين كدولة منذ 2014.
  • فرص سياسية: يعيد توازن التفاوض مع إسرائيل من موقع “دولة لدولة”، بدلاً من طرف خاضع للاحتلال.

تحوّل محتمل في مواقف الدول الكبرى

حتى الآن، اعترفت 147 دولة من أصل 193 عضوًا في الأمم المتحدة بدولة فلسطين، معظمها من إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. لكن اعتراف فرنسا – كدولة غربية كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن – سيُعيد خلط الأوراق. كما يُتوقع أن تلتحق دول مثل إسبانيا وإيرلندا والنرويج قريبًا بالموقف الفرنسي.

بريطانيا على خطى فرنسا؟ ضغط داخلي متزايد

رغم رفض رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الاعتراف الفوري بفلسطين، فقد وقع 221 نائبًا بريطانيًا خطابًا يطالب الحكومة باتخاذ هذه الخطوة في الجمعية العامة المقبلة. وأشار ستارمر إلى أنه “لا لبس في رغبته برؤية دولة فلسطينية”، لكنه اشترط أن يأتي الاعتراف ضمن “خطة أوسع لحل الدولتين وضمان أمن دائم للطرفين”.

إسرائيل وواشنطن ترفضان الاعتراف: ضغوط مضادة

أثار إعلان ماكرون ردود فعل غاضبة في إسرائيل والولايات المتحدة. حيث وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخطوة بأنها “كارثة دبلوماسية”، بينما أدان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو القرار واعتبره “متهورًا ويخدم دعاية حماس”.

دور الجمعية العامة للأمم المتحدة: اعتراف تدريجي

منحت الجمعية العامة فلسطين صفة “دولة مراقب غير عضو” في 2012، ومؤخرًا في مايو 2024، مُنحت حقوقًا إضافية مثل الجلوس مع الدول الأعضاء وتقديم المقترحات والمشاركة في اللجان. الاعتراف الكامل سيسمح لفلسطين بالتصويت والانخراط الأوسع في المجتمع الدولي.

الاعتراف كأداة ضغط لتحقيق حل الدولتين

يرى محللون أن الاعتراف الدولي بدولة فلسطين يُعد ورقة ضغط هامة على إسرائيل لإعادة فتح باب المفاوضات. وتعتبر بعض الحكومات أن الاعتراف ضروري للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، لا سيما في ظل استمرار الاستيطان والانقسامات الفلسطينية.

الاعتراف وسيلة لاحتواء اليأس ودعم السلم

من أهم مكاسب الاعتراف أنه يمثل دعمًا معنويًا قويًا للفلسطينيين، ويوفر أفقًا سياسيًا يُشجع على الحلول السلمية. وفق تصريحات وزير الخارجية البريطاني السابق ديفيد كاميرون، فإن الاعتراف يهدف إلى “إعطاء الشعب الفلسطيني أملًا في مستقبل بدولة مستقلة، كبديل عن العنف واليأس”.

بناء الدولة الفلسطينية: دعم دولي محتمل

قد يؤدي الاعتراف إلى تشجيع استثمارات دولية جديدة في مؤسسات الدولة الفلسطينية، كما حصل سابقًا مع دعم الاتحاد الأوروبي لمشاريع بناء الدولة منذ 2007. وقد يُسهم هذا في إصلاح الحوكمة الداخلية وتعزيز فعالية السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

الاعتراف لا يحل كل شيء… ولكنّه خطوة فارقة

رغم الأهمية الرمزية والقانونية، لا يعني الاعتراف حلًا تلقائيًا للصراعات على الأرض مثل قضية القدس، المستوطنات، والحدود. لكنه يضع الأساس القانوني والسياسي لإعادة التفاوض على قاعدة جديدة أكثر توازنًا، ويعيد إحياء فكرة حل الدولتين.

خلاصة

الاعتراف الفرنسي الوشيك بدولة فلسطين يمثل نقطة تحوّل تاريخية في مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. إنه ليس نهاية المعركة، لكنه بداية جديدة للضغط الدبلوماسي، وتكريس الحق الفلسطيني في الوجود والاعتراف، وفتح الباب أمام تحول عالمي حقيقي في المواقف الدولية.

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE