إسرائيل بلا حدود: من السر إلى النيل والفرات!

في 15 سبتمبر 2020، وقّعت إسرائيل اتفاقيات أبراهام مع الإمارات والبحرين برعاية أمريكية. وبعد أربعة أسابيع فقط، وافق مجلس التخطيط الأعلى في تل أبيب على بناء 4948 وحدة استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة، ما يُظهر بوضوح أن تل أبيب لم تعتبر التطبيع نهاية للصراع، بل وسيلة لتعميق السيطرة على الأرض الفلسطينية.
استيطان بلا توقف: إسرائيل الكبرى تبدأ من الضفة
المشروع الصهيوني لطالما سعى نحو إنشاء “دولة بلا حدود”. الاستيطان لا يتوقف، بل يتكثف كلما خمدت الضجة الدولية. توسّعت إسرائيل بهدوء، غير مبالية بالاحتجاجات، مدفوعة بعقيدة استعمارية قديمة تسعى للسيطرة الكاملة على ما تسميه “أرض إسرائيل التوراتية”.
إسرائيل الكبرى وإسرائيل العظمى: وجهان لعملة واحدة
- إسرائيل الكبرى: مشروع استيطاني إحلالي يهدف لضم الأرض وتهويدها عبر السيطرة المباشرة من قبل الجيش والمستوطنين.
- إسرائيل العظمى: مشروع هيمنة إقليمي يقوم على النفوذ الاقتصادي والاستخباراتي والتحالفات الأمنية مع الأنظمة المجاورة.
هذان المساران، وإن بديا منفصلين، إلا أنهما يشكلان رؤية موحدة لمشروع توسعي لا يعترف بالحدود.
من الجدار الحديدي إلى التطبيع الذهبي
منذ مقالة زئيف جابوتنسكي “الجدار الحديدي” عام 1923، وحتى رسائل بن غوريون السرية لابنه، يتجلى المنهج الثابت: قبول المؤقت لتحقيق الدائم. خطة التقسيم لم تكن نهاية، بل منصة انطلاق نحو الاستيلاء الكامل. وبتنفيذ “عقيدة الأطراف”، نسجت إسرائيل تحالفات سرية مع غير العرب من إيران إلى الأكراد.
الاختراق عبر التطبيع: ممر نفوذ إقليمي
اتفاقيات إبراهام لم تكن سوى بوابة لمشروع أوسع. بحلول 2023، وصلت التجارة بين الإمارات وإسرائيل إلى 3 مليارات دولار سنوياً، رغم حرب الإبادة على غزة. وفي المغرب، اشترت الرباط أنظمة دفاع جوي إسرائيلية بقيمة 500 مليون دولار، وأسست مصنعًا للطائرات بدون طيار بالشراكة مع شركة إسرائيلية.
من الدار البيضاء إلى الخليج، تتمدد تل أبيب عبر الاقتصاد والدبلوماسية، متجاوزة كل خطوط الاشتباك التاريخية.
الاستيطان يتسارع… والدعم يتزايد
في 2023، تمّت الموافقة على 12,855 وحدة استيطانية، وهو رقم قياسي في ستة أشهر. والآن، يعيش أكثر من 700 ألف مستوطن في الضفة الغربية والقدس المحتلة، بينما وافق مجلس الوزراء في مايو 2025 على إنشاء 22 مستوطنة جديدة، ضمن خطة لفرض واقع يمنع إقامة دولة فلسطينية.
ترامب وعزلة الاعتراف بفلسطين: دعم غير مشروط للمشروع الصهيوني؟
رغم الإجماع الدولي المتزايد على الاعتراف بدولة فلسطينية، يرفض الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب هذا التوجه بشدة. فهل هذا الرفض نتيجة ضغوط من اللوبي الإسرائيلي أم امتداد لرؤية استراتيجية أوسع لتثبيت إسرائيل كقوة فوق القانون الدولي؟
خاتمة
إن المشروع الصهيوني لم يعد فقط حربًا على الأرض، بل هو هندسة كاملة للمشهد الإقليمي عبر قوتين: دبابة وجواز سفر دبلوماسي، جندي ومستشار اقتصادي، مستوطن ومبرمج، حرب وسلام. التطبيع ليس نهاية الصراع، بل تسوية لصالح طرف واحد، يُرسّخ الاحتلال برباط من ذهب.
لندن – اليوم ميديا