من العاصمة الموريتانية نواكشوط
تشهد الساحة السياسية في موريتانيا منعطفاً جديداً بعد إعلان وزارة الداخلية منح تراخيص مؤقتة لخمسة أحزاب سياسية، في خطوة أنهت انتظاراً دام ست سنوات. غير أن هذا القرار أعاد إلى الواجهة الجدل العرقي والفكري؛ إذ رحّبت بعض الأحزاب بالخطوة رغم تحفظها على التأخير، فيما هاجمت حركة إيرا بزعامة بيرام ولد اعبيدي السلطات، متهمة إياها بالتمييز وإقصاء الزنوج الموريتانيين.
وبينما يرى مراقبون أن الترخيص يهدف إلى تنظيم المشهد السياسي وتقليص الفوضى الحزبية، يحذّر آخرون من أن موريتانيا قد تكون مقبلة على صراع متجدد بين الإخوان والتيارات الزنجية، في ظل قانون أحزاب مثير للجدل يعيد تشكيل قواعد اللعبة السياسية.
منحت وزارة الداخلية الموريتانية هذا الأسبوع تراخيص مؤقتة لخمسة أحزاب سياسية جديدة، بعد توقف دام ست سنوات.
وأكدت الوزارة أنها سلمت الأوصال المؤقتة، مقابل إيداع الأحزاب المعنية تصاريح بتأسيسها، وتشمل القائمة:
ووفق البيان الرسمي، فإن تسليم هذه الأوصال المؤقتة المحددة شكلياً بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية المنظمة للأحزاب السياسية، يؤذن بانطلاق مرحلة الدراسات والتحرّي والبحث المنصوص عليها في الأمر القانوني المتعلق بالأحزاب السياسية المعدل، والتي يتوقف عليها منح الوصل النهائي.
قال حزب جبهة المواطنة والعدالة – وهو أحد الأحزاب الجديدة – إن تأخر تسليم الوصل المؤقت انعكس سلباً على مشروعه السياسي والتنظيمي.
وأكد الحزب في بيان أنه استلم الوصل المؤقت، ووضع الخطوة في إطارها الطبيعي كإجراء قانوني يسبق الحصول على الوصل النهائي، لكنه اعتبر أن التأخير أطول مما كان مقنناً ومتوقعاً.
ودعا الحزب السلطات إلى تسريع استكمال إجراءات الوصل النهائي بما ينسجم مع روح الدستور والقوانين المنظمة للحياة السياسية الوطنية، مؤكداً التزامه بالعمل المسؤول، وتعزيز الوحدة الوطنية، وترسيخ قيم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
في المقابل، سارع حزب تابع للحقوقي المثير للجدل بيرام ولد اعبيدي، وينشط تحت مظلة حركة “إيرا”، إلى إعلان استعداده لمواجهة قرار وزارة الداخلية بشأن منع ترخيص حزب الرك.
وأكد الحزب أنه سيلجأ إلى “أساليب الكفاح السلمي” لكنه لن يغلق باب الحلول التوافقية. وصب الحزب جام غضبه على النظام الحاكم، متهماً إياه بالعنصرية، ومعتبراً أن قادة الأحزاب الذين حصلوا على التراخيص المؤقتة ينتمون جميعاً إلى نفس العرق.
وجاء في بيان الحركة: “لقد سقطت الأقنعة”. وأضافت أن حزبها تقدم بطلب الترخيص سنة 2013 وفق القانون، لكن السلطات انتهكت النصوص حينها لإقصاء مرشحين يستندون إلى قاعدة شعبية، في محاولة للحد من تداعيات الاقتراع العام المباشر لصالح إعادة إنتاج “الهيمنة الموروثة”.
وأكدت الحركة أنها ستواصل دفع ثمن “الحكامة العرقية – القبلية”، معتبرة أن التعددية الحزبية تحولت إلى وسيلة لإقصاء السود الموريتانيين الجنوب صحراويين، الذين يمثلون – وفق البيان – “أرضية خصبة للممانعة، وأكبر ضحايا الإفلات من العقوبة، والمعاقل البنيوية للبؤس”.
وكانت وزارة الداخلية الموريتانية قد حلت عام 2018 ثمانين حزباً سياسياً بعد تطبيق القانون الذي ينص على حل أي حزب لا يحصل على نسبة 1% من الأصوات في الانتخابات.
وتنافس حينها 98 حزباً على 157 مقعداً برلمانياً، و219 مجلساً بلدياً، و13 مجلساً إقليمياً، لكن 18 حزباً فقط تجاوزت عتبة 1%. وهكذا تقلص عدد الأحزاب من 105 إلى 23 حزباً فقط.
القانون الجديد نص على أن كل حزب لا يحقق 1% في اقتراعين محليين متتاليين يتم حله بقوة القانون. وبموجب ذلك، تم حظر الحزب الجمهوري الحاكم في عهد الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع، الذي كان يسيطر على البرلمان في تسعينيات القرن الماضي حتى 2005.
منذ السماح بإنشاء الأحزاب في يوليو 1991، شهدت موريتانيا قيام أكثر من 100 حزب سياسي، لكن السلطات مارست دور “الخصم والحكم” في آن واحد، عبر ترخيص وإغلاق الأحزاب وفق اعتبارات سياسية.
التعديلات الأخيرة على قانون الأحزاب أثارت جدلاً واسعاً، ومن أبرزها:
دافعت الحكومة عن هذه التعديلات معتبرة أنها تعزز التعددية السياسية وتضفي مزيداً من الجدية على المشهد الوطني.
وقال وزير الداخلية محمد أحمد محمد الأمين إن الهدف هو ضمان وجود أحزاب ذات رؤية سياسية ومجتمعية قادرة على تغطية احتياجات البلد، وإنتاج الأفكار، وإقناع القاعدة الشعبية بها. كما شدد على ضرورة أن تعكس الأحزاب التنوع العرقي والاجتماعي وحضور الشباب والنساء.
المحلل السياسي عبد الله اتفاغ المختار اعتبر أن التعديلات جاءت في محلها، وستقود إلى تطوير التجربة الديمقراطية عبر تقليص عدد الأحزاب بما يتناسب مع مليوني ناخب فقط، ما يعزز ثقافة حزبية حقيقية بدل “تمييع الحقل السياسي”.
لكن الباحث في قضايا الصحراء الكبرى محمد سالم اليعقوبي قلل من أهمية القرار، معتبراً أن غياب ثقافة ديمقراطية راسخة يجعل من الترخيص مجرد خطوة شكلية، مشيراً إلى أن الانتخابات السابقة أفرزت قيادات حزبية بلا برامج أو تأثير فعلي على الشارع.
نواكشوط – المختار ولد اشبيه
يبدو أن مستقبل قطاع غزة محصور في ثلاثة سيناريوهات محتملة، تتشكل وفق موازين القوى التي…
تعرض متحف اللوفر في باريس، أحد أشهر المتاحف في العالم، صباح الأحد لعملية سرقة جريئة،…
أعربت مجموعات الأعمال الأمريكية عن قلقها المتزايد من أن الإغلاق الحكومي المستمر يترك آثارًا سلبية…
في مشهدٍ يليق بعصرٍ تتقاطع فيه القيم مع التقنية، ارتفعت من دبي مساء الأحد كلماتٌ…
في تصعيد إلكتروني جديد ضد إسرائيل، أعلنت مجموعة القرصنة الإيرانية المعروفة باسم «حنظلة» (Hanzala Hackers)…
زيد بن كمي الصور التي بثّتها قناة «العربية» من غزة هذا الأسبوع بعد أن وضعت…