هجوم الدوحة: هل يوحّد العرب ضد إسرائيل؟

الهجوم الإسرائيلي على اجتماع لحركة حماس في الدوحة يمثل تصعيدًا غير مسبوق، أعاد اختبار حدود السيادة والأمن في الخليج العربي، وأثار تساؤلات حول مستقبل التطبيع العربي مع إسرائيل. لم يكن هذا الحدث مجرد عملية عسكرية، بل مؤشرًا على ديناميكيات جديدة في المنطقة، حيث يشير محللون غربيون مثل دينا إصفنديار (Bloomberg Economics) إلى أن أي تقدم في التطبيع يصبح هشًا أمام الرأي العام العربي إذا استمرت الضربات الإسرائيلية على الأراضي العربية أو استهداف الوسطاء.

الهجوم وأبعاده الجيوسياسية

في واقعة نادرة، شنّت إسرائيل هجومًا داخل الدوحة مستهدفة اجتماعًا لقادة حركة حماس، ما أسفر عن قتلى وجرحى وأثار إدانات عربية ودولية واسعة. وفق تحليل CSIS، تمثل العملية تصعيدًا غير مسبوق قد يؤدي إلى دوائر رد فعل متتالية إذا لم تُحتوَ دبلوماسيًا، كما تعيد تعريف مفهوم التدخل المباشر في المنطقة. هذا الهجوم يضع الدول العربية أمام معادلة صعبة: موازنة مصالحها الاستراتيجية مع الضغوط الشعبية، ومواجهة التحديات الدبلوماسية.

ردود الفعل العربية والدولية

اعتبرت قطر الهجوم انتهاكًا صارخًا للسيادة، فيما أعربت دول عربية مثل السعودية والإمارات عن قلقها من تأثير العملية على الاستقرار الإقليمي ومسار الوساطات الدولية. على المستوى الشعبي، شهدت وسائل التواصل الاجتماعي موجة انتقادات واسعة ضد إسرائيل، مما يزيد الضغط على الحكومات المطبعة. ويرى محللون غربيون أن هذه التحركات الشعبية تجعل أي خطوات جديدة نحو التطبيع أكثر صعوبة دون ضمانات سياسية واضحة.

السياق التاريخي للتطبيع العربي

منذ توقيع اتفاقيات إبراهيم عام 2020، بدأت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان بناء علاقات دبلوماسية وتجارية مع إسرائيل لتعزيز الأمن الإقليمي والاستثمار في التكنولوجيا والطاقة. وفق تحليلات مراكز Carnegie وAtlantic Council، لم تنهار الاتفاقيات، لكنها دخلت مرحلة بيئة سياسية جديدة، حيث تتحكم القضايا الأمنية والسياسية الكبرى في استدامتها أكثر من الدعم الشعبي أو الطموحات الاقتصادية. الهجوم الإسرائيلي على الدوحة يضع هذه الاتفاقيات أمام اختبار مباشر ويعيد النظر في حدود قبول الدول العربية للضغوط الإسرائيلية.

مصير دول التطبيع

المدى القصير: من المتوقع تباطؤ أو تجميد المبادرات التطبيعية، إذ تشير تحليلات الخبراء إلى أن الحكومات العربية ستعيد تقييم مصالحها وتوازن بين الرأي العام والمصالح الاستراتيجية.

المدى المتوسط: قد تستأنف الإمارات والبحرين التطبيع بشروط واضحة تشمل ضمانات سياسية لتقليل المخاطر، بينما ستظل السعودية وعُمان والكويت حذرة، ويعتمد أي تحرك على تهدئة التصعيد وضمان عدم تكرار العمليات العسكرية.

المدى الطويل: سيصبح التطبيع أكثر براغماتية، قائمًا على مصالح استراتيجية وأمنية واقتصادية، مع السيطرة على أي أزمات مستقبلية قبل المضي قدمًا.

السيناريوهات المستقبلية

تجميد مؤقت للتطبيع: السيناريو الأكثر ترجيحًا على المدى القصير، حيث تتوقف المبادرات حتى تهدأ التوترات، وتوضع آليات لضمان عدم حدوث أي خرق سيادي مستقبلي، وفق CSIS.

عودة للتطبيع بشروط محددة: إذا نجحت إسرائيل في ضبط عملياتها العسكرية أو قامت بخطوات دبلوماسية فعّالة، قد تُستأنف المبادرات الخليجية مع ضمان مصالحها الاستراتيجية.

تصعيد إقليمي محدود: احتمال ردود فعل مسلحة من فصائل أو أطراف إقليمية قد يضغط على الدول العربية لتعزيز مواقفها الدبلوماسية أو العسكرية، وفق تقديرات محللين غربيين، ما قد يخلق دورة جديدة من التوتر والتفاوض.

اختبار دائم أم زوبعة عابرة؟

الهجوم على الدوحة أعاد طرح أسئلة جوهرية حول الأمن الإقليمي وشرعية العمليات العسكرية عبر الحدود، ووضع مسار التطبيع تحت مجهر التحليل السياسي. على المدى القريب، سيضعف الحادث زخم التطبيع ويزيد فترات الترقب، بينما على المدى المتوسط والبعيد سيظل مرتبطًا بالمصالح المتبادلة، وقدرة الدول على احتواء التصعيد، وضغوط القوى الدولية لإعادة ضبط المسار. القرار النهائي عملي: موازنة حماية المصالح الاستراتيجية مع إدارة حساسيات الرأي العام، كما يؤكد الخبراء الغربيون أن قدرة الدول على الموازنة بين السياسة الداخلية والدبلوماسية الخارجية ستكون العامل الحاسم في مسار التطبيع المستقبلي.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى