بعد هجوم الدوحة.. ما جدوى وجود القواعد الأميركية في الدول العربية؟

الهجوم الإسرائيلي الأخير على العاصمة القطرية الدوحة، الذي استهدف قيادات حركة حماس، لم يكن مجرد عملية عسكرية عابرة، بل شكل صدمة استراتيجية أعادت طرح تساؤلات جوهرية حول الأمن والسيادة العربية. وفق مصادر خاصة لموقع “اليوم ميديا”، العملية أثارت جدلاً واسعًا حول جدوى وجود القواعد الأميركية في الدول العربية، ومدى فعاليتها في حماية العواصم من أي تهديد خارجي.

هذا الحدث يعيد فتح النقاش حول قدرة القوى الإقليمية على حماية مصالحها، ويطرح ضرورة تطوير استراتيجيات إقليمية متكاملة تعتمد على الشراكات بين الدول العربية وجيرانها الإقليميين.

جدوى القواعد الأميركية تحت المجهر

لطالما اعتمدت بعض الدول العربية على وجود قواعد أميركية كضمانة للحماية والدفاع عن سيادتها. لكن العملية الأخيرة في الدوحة تثير تساؤلات جدية حول مدى فعالية هذا التواجد.

الهجوم الإسرائيلي، على الرغم من قربها من هذه القواعد، يشير إلى أن الوجود العسكري الأميركي ليس دائمًا رادعًا كاملاً لأي اعتداء، خصوصًا إذا ارتبط الأمر بمصالح استراتيجية لإسرائيل.

هذا الواقع يدعو صناع القرار العرب إلى إعادة تقييم استراتيجيات الدفاع الوطني، والبحث عن بدائل لتعزيز القدرة الذاتية على حماية العواصم والمصالح الحيوية، بعيدًا عن الاعتماد الكلي على تحالفات خارجية.

إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية

المصادر أكدت أن العملية قد تفتح الطريق أمام تعزيز العلاقات بين إيران ودول الخليج، خصوصًا فيما يتعلق بخطط الأمن الإقليمي. هذا التوجه يعكس إدراكًا متناميًا لدى بعض العواصم العربية بأن شراكات إقليمية مع دول مثل إيران وتركيا قد تصبح ضرورية لتحقيق توازن أمني حقيقي في المنطقة.

من خلال شراكة إقليمية، يمكن للدول العربية والإقليمية تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتنسيق الجهود لحماية الحدود والمجالات الجوية، بالإضافة إلى تطوير آليات منع أي اعتداءات مفاجئة على أراضيها.

التحديات والفرص

تفتح عملية الدوحة نافذة حقيقية لإعادة التفكير في الأمن الإقليمي على أكثر من صعيد:

  1. الأمن القومي العربي: الحاجة إلى خطط دفاعية مستقلة، تشمل تحديث قدرات الدفاع الجوي والمجال الإلكتروني، لضمان حماية العواصم من أي تهديد خارجي.
  2. الدبلوماسية الإقليمية: تعزيز الحوار مع إيران وتركيا والدول الإقليمية الأخرى لتشكيل شراكات استراتيجية قادرة على التعامل مع الأزمات.
  3. التوازن الدولي: الحفاظ على مصالح العرب في مواجهة التحولات الدولية، دون الانجرار إلى مواجهات مباشرة قد تزيد من هشاشة الأمن الإقليمي.

دور قطر كنموذج تحذيري

الدوحة أصبحت مثالًا حيًا على هشاشة السيادة العربية أمام التدخلات الخارجية. الرد القطري على الهجوم، بالتنسيق مع الوسطاء الدوليين، يوضح أهمية الاستثمار في أدوات دبلوماسية قوية، إضافة إلى تطوير قدرات الدفاع الذاتي.

كما يجب أن تكون هذه التجربة درسًا لكل العواصم العربية، لتأكيد أن السيادة لا يمكن أن تُحمى بمجرد وجود حلفاء خارجيين، بل تتطلب استراتيجيات عربية متكاملة تجمع بين القوة العسكرية، والذكاء الاستخباراتي، والحكمة الدبلوماسية.

استراتيجية عربية متقدمة

عملية الدوحة تمثل نقطة تحول حقيقية في الأمن الإقليمي. الأبعاد المتعددة للهجوم تشير إلى ضرورة إعادة رسم التحالفات وإعادة تقييم الاعتماد على القوى الخارجية. يجب على الدول العربية استغلال الدروس المستفادة لتطوير آليات حماية سيادتها وتعزيز التعاون الإقليمي، سواء بين الدول العربية أو عبر شراكات استراتيجية تشمل جيرانها من غير العرب.

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ليس مجرد حدث عابر، بل إنذار صادق بأن الوقت قد حان لاعتماد سياسات عربية حقيقية، تضمن حماية الشعوب وتعزز قوة التكتل الإقليمي في مواجهة أي تهديدات مستقبلية.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى