مستقبل غزة بعد الحرب: ثلاثة سيناريوهات والخطر الأكبر تجدد الصراع

يبدو أن مستقبل قطاع غزة محصور في ثلاثة سيناريوهات محتملة، تتشكل وفق موازين القوى التي أفرزتها الحرب الأخيرة، بالإضافة إلى نطاق التدخلات الدولية والإقليمية التي تحدد ما يُعرف بـ”اليوم التالي”. وحتى الآن، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تخريب اتفاق السلام في غزة، ما يهدد استقرار المنطقة.
وفق تقرير بلومبيرغ الأحد، أعلن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن نتنياهو قرر إغلاق جميع المعابر المؤدية إلى قطاع غزة ووقف إيصال المساعدات الإنسانية، رداً على ما وصفه بـ”خرق حماس لوقف إطلاق النار”، وفق وسائل الإعلام الإسرائيلية. في المقابل، أكدت كتائب القسام التزامها الكامل بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه مع إسرائيل، ونفت أي علم لها بالاشتباكات المزعومة في رفح.
السيناريو الأول: استمرار حكم حماس
يعد الحكم بقيادة حركة حماس هو النتيجة الأكثر ترجيحًا، بنسبة احتمال تصل إلى 60%. يرتكز هذا السيناريو على مبدأ “الواقع المفروض”، حيث تعيد حماس تأكيد قبضتها على غزة في الفراغ الذي خلفه انسحاب الجيش الإسرائيلي من مناطق الخط الأصفر.
ومنذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار، أعادت قوات الأمن الوطني التابعة لحماس انتشارها في الشوارع والمناطق المحررة، ما يعكس قدرة الحركة على إدارة الأمن واستقرار الأوضاع. وأكد المسؤول الكبير في حماس أيهم شنانة لوكالة “المهد” أن نحو **70% من القطاع تحت سيطرة قوات الأمن التابعة لحماس”، وهو واقع ميداني لا يمكن تغييره بسهولة.
يعني هذا السيناريو أن القطاع سيبقى تحت إدارة حماس السياسية والأمنية لمدة سنة إلى سنتين، إلى أن تنضج التفاهمات الداخلية والخارجية لتشكيل حكومة تكنوقراطية مقبولة للفلسطينيين والجهات الدولية.
السيناريو الثاني: العودة إلى ترتيبات ما قبل 2005
هذا السيناريو الذي تدعمه الولايات المتحدة وبعض القوى الإقليمية، ويقدر نجاحه بنسبة 25%، يقوم على التنسيق الأمني والرقابة الدولية كما كان قبل عام 2005.
في هذا الإطار، ستشرف قوات فلسطينية مقبولة دوليًا على إدارة غزة، أمن الحدود، جهود نزع السلاح، وتوزيع المساعدات تحت إشراف لجنة دولية مركزية، قد تدعمها مصر وقطر.
لكن هذا السيناريو يواجه تحديات كبيرة: أولاً، حماس ليست مستعدة للتخلي عن موقعها السياسي أو العسكري بعد صمودها في الحرب، وثانيًا، فقدت السلطة الفلسطينية الثقة العامة بعد سنوات من التعاون الأمني مع الاحتلال. وبالتالي، يظل هذا السيناريو خيالًا غربيًا أكثر منه خريطة طريق قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
السيناريو الثالث: الفوضى المهندسة
السيناريو الأقل احتمالًا (15%)، لكنه الأخطر، يتوقع عودة الاشتباكات المسلحة بين الفصائل الفلسطينية أو بين المقاومة والميليشيات المدعومة من إسرائيل أو الجيش الإسرائيلي، في حال انهيار وقف إطلاق النار أو تعثر المفاوضات.
هذا السيناريو قد يكون هدفًا لتل أبيب، لضمان استنزاف المقاومة واستمرار الاضطراب في غزة، ما يمنع تشكيل أي نظام سياسي مستقر أو موحد. ومع ذلك، تعمل الجهات الإقليمية – مصر وقطر – بشكل مكثف لمنع اندلاع صراع جديد قد يؤدي إلى تفكيك ما تبقى من العملية السياسية.
انهيار سياسي محتمل في تل أبيب
يحاول نتنياهو أن يصنع اسمه كمهندس نهاية وجود حماس، لكنه قد يُتذكر كمن مهندس سقوطه السياسي. فقد شكل اتفاق وقف إطلاق النار اعترافًا بالفشل الإسرائيلي في تحقيق أهداف الحرب، والتي كانت تهدف إلى القضاء على حماس وتحرير الأسرى بالقوة، ولكن المقاومة الفلسطينية صمدت أمام المحرقة الإسرائيلية المدعومة أمريكيًا، ما جعل الخطط الإسرائيلية تتبخر.
لندن – اليوم ميديا