image

أضرار ناجمة عن الهجوم الإسرائيلي على إيران

حسين رضا

وقف الشرق الأوسط أمام منعطف تاريخي جديد. ضربة جوية إسرائيلية استهدفت قلب البرنامج النووي الإيراني، محدثة زلزالاً استراتيجياً ليس فقط في الجغرافيا السياسية، بل في عقل كل صانع قرار في المنطقة والعالم. هذه الضربة ليست مجرد عمل عسكري تقليدي، بل فصل جديد في ملحمة الصراع التي أعادت تعريف قواعد اللعبة بين طهران وتل أبيب، وتركت المنطقة تستشعر أن المرحلة التي تلتها ستكون بلا رجعة.

إسرائيل اختارت اليوم، بوعي واضح، كسر جدار التفاهم الضمني الذي استندت إليه طهران كخط أحمر غير قابل للاجتياز. استهداف منشآت حيوية في نطنز وبارتشين، بما فيها وحدات الطرد المركزي الأكثر تطورًا، لا يرسل رسالة عسكرية فحسب، بل يوجه صفعة تكتيكية استراتيجية تعيد إيران إلى نقطة الصفر.

فيما زادت خسائر الضربة من مقتل كبار العلماء النوويين الإيرانيين، مكررة بذلك تكتيك الاغتيالات التي هدفت إلى إضعاف روح المبادرة الإيرانية، ومؤكدة أن تل أبيب تعتمد على منهجية طويلة الأمد، تستهدف النخبة العلمية لإبطاء أو حتى قتل حلم إيران النووي

الواقع الراهن يضع إيران في مفترق طرق حاد. الضربة التي جاءت في ظل أزمات داخلية متداخلة، بين اقتصادية وسياسية واجتماعية، تقطع الطريق على خيارات كثيرة.

إمكانية الرد المباشر باتت محفوفة بالمخاطر؛ فالصدام العسكري الواسع قد يعيد تشكيل خريطة المنطقة بأكملها، وربما يرهق إيران أكثر مما تحتمل. أما الاعتماد على وكلائها في الرد فيُخشى أن يؤدي إلى تصعيدات إقليمية معقدة، لا تخدم إلا مصالح أطراف خارجية.

هل انتهى حلم إيران النووي؟ الضربة تقول إن المشروع تعرض لضربة مميتة، لكن إيران ليست دولة قابلة للإلغاء بسهولة. الأزمة أنها اليوم أمام خيار قاس: هل تستمر في التحدي بكل ما أوتيت من قوة، أم تقبل أن تُعاد كتابة قواعد لعبها الإقليمية والدولية؟

دول الخليج، التي كانت لوقت طويل ملاذ الاستقرار النسبي، تقف اليوم في قلب دوامة التوتر المتصاعد. من المرجح أن تدفع الضربة إيران إلى البحث عن انتقام سريع في محيطها الجغرافي المباشر، ما يهدد أمن الملاحة الدولية ويضع الاقتصاد العالمي على المحك.

مسؤوليات هذه الدول تتضاعف في إدارة التوتر عبر أدوات دبلوماسية وأمنية محكمة، تحاول منع الانزلاق نحو مواجهة شاملة، لكن واقع الحال يفرض تساؤلات حول مدى قدرتها على الصمود في ظل هذا الواقع المتغير.

الرد الغربي جاء متباينًا؛ من جهة، تعبير عن القلق وعدم التصعيد، ومن جهة أخرى، صمت مشوب بفهم ضمني لضرورة الضربة. أوروبا اتخذت موقف الحذر، وروسيا والصين أصدرت تحذيرات باردة، مع استمرار توازنات القوى الدولية في تأرجح دقيق يعكس مصالح متشابكة.

بوضوح، نهاية هذه الضربة تمثل إعلاناً عملياً لنهاية المسار التفاوضي الذي كان يأمل في إبطاء التقدم النووي الإيراني عبر الدبلوماسية. إسرائيل وبدعم غربي متزايد، تحولت إلى لعبة القوة المطلقة، حيث الخيارات تقتصر اليوم على فرض الأمر الواقع.

هل انتهت إيران؟ ربما لم تنتهِ، لكنها على يقين أنها أمام اختبار وجودي غير مسبوق، لن تسمح له بسهولة، ما يبشر بمرحلة جديدة من الصراع الذي لا يعرف إلا لحظة حاسمة تترك فيها الحسابات القديمة وراءها.

اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن.