image

أحمد القاضي – (لندن)

من قلب الطفولة، وبخيوط الذكريات، تنسج الفنانة التشكيلية المصرية نجاة فاروق عالمًا بصريًا نابضًا بالحنين والتجدد.

منذ أكثر من ثلاثة عقود، تواصل نجاة تقديم تجربة فنية غنية تستلهم ملامحها من الطفولة والأسفار والرموز الشعبية، بأسلوب تعبيري تجريبي يمزج بين الألوان والخامات في سرد بصري مؤثر.

في أعمالها، لا تكتفي بإعادة إنتاج الماضي، بل تُحيله إلى طاقة إبداعية تلامس الوجدان وتعيد تشكيل الذاكرة عبر لوحات تنطق بالحياة.

مسيرة فنية بطابع شخصي

منذ انطلاقتها عام 1987، قدمت الفنانة نجاة فاروق رؤيتها الفنية الخاصة التي امتازت بالتنوع والعمق، فكانت لكل مرحلة بصمتها وتعبيرها. وبلغت هذه المسيرة ذروتها مؤخرًا عبر مجموعة من اللوحات التي تستحضر ألوان الطفولة وتفاصيل الذاكرة، مستندةً إلى مخزون بصري راكمته من تجاربها الحياتية ورحلاتها الفنية في مختلف أنحاء العالم.

وفي حديث خاص لـ”اليوم ميديا”، كشفت الفنانة أن الطفولة تمثل مصدر الإلهام الأول لأعمالها، قائلة: “أستدعي مشاهد من الماضي وأجسّدها في لوحات تنبض بالحياة، وكأنني أُمسك بتفاصيل طفولتي وأُعيد ترتيبها بالألوان والخطوط.”

من الأبيض والأسود إلى رموز الطفولة

وتروي نجاة كيف بدأت بتجسيد مشاعر الحنين من خلال معارضها الخاصة، مستعملة أحيانًا الأبيض والأسود كوسيط بصري لتصوير نفسها وهي تلعب وتلهو، ضمن مشاهد يغمرها الفرح والرمزية.

أبرز هذه الرموز كانت طقس “العروسة الورق” الذي كانت تمارسه الجدّات للحماية من الحسد، وتقول: “حاولت نقل هذه العادات الشعبية من ذاكرتي إلى اللوحة، كجزء من سرد بصري شخصي.”

تنوع الأسلوب والخامات

مرت تجربة نجاة بعدة تحولات، أبرزها الانفتاح على المدرسة التعبيرية التجريبية، التي منحت أعمالها بعدًا نفسيًا أعمق. وترجع هذا الغنى في الأسلوب إلى دراستها الأكاديمية بكلية التربية الفنية، والتي أتاحت لها التجريب بخامات متنوعة من الرسم والطباعة إلى الأشغال الفنية.

اللعب بالفن والتقنيات الجديدة

في لوحاتها، تحضر الفتيات الصغيرات ببراءتهن وعمق نظراتهن، بينما تتقاطع الخيوط مع الألوان لتروي قصصًا بصرية. وتضيف الفنانة: “أصبحت أستخدم قصاصات القماش والخيوط وألوان الأكريليك، لأنها تمنحني سكينة فنية وتفتح لي مسارات جديدة للتعبير.”

موقف من الذكاء الاصطناعي في الفن

وحول دخول الذكاء الاصطناعي إلى عالم الفن، شددت نجاة فاروق على ضرورة وضع ضوابط أخلاقية لحماية حقوق الفنانين، مشيرة إلى أن هذه التقنية لا يمكن أن تعوّض تجربة التعامل المباشر مع الخامات.

تقول في ختام حديثها: “الذكاء الاصطناعي أداة بصرية ملهمة، لكنه لا يملك إحساس اليد التي تمزج اللون وتنسج الحنين في خيوط اللوحة.”