ارتفاع النفط يعيد تشكيل موازين القوة.. والخليج في قلب اللعبة

تشير التحليلات إلى أن أسعار النفط ستشهد ارتفاعاً تدريجياً خلال العام المقبل، مع توقع بدء دورة ارتفاع مستمرة خلال العقد المقبل. ويعتبر الدول العربية وخاصة السعودية ودول الخليج المستفيد الأكبر، نظراً لانخفاض تكاليف الإنتاج مقارنة بمنتجي النفط الكبار في أمريكا وروسيا.

إنتاج النفط في دول الخليج وتكلفة الإنتاج

تُعد دول مجلس التعاون الخليجي، بما فيها السعودية، الإمارات، الكويت، وقطر، أكبر منتجي النفط في المنطقة، حيث أنتجت مجتمعة نحو 17 مليون برميل يومياً عام 2023. على الرغم من انخفاض الإنتاج بنسبة 6.8% مقارنة بعام 2022، لا تزال المنطقة تحافظ على مكانتها كلاعب رئيسي في أسواق الطاقة العالمية بفضل احتياطياتها النفطية الضخمة.

وأكدت شركة أرامكو السعودية أن تكلفة إنتاج البرميل الواحد، بما يشمل الحفريات والاستكشاف والإنتاج، بلغت حوالي 3 دولارات عام 2021، بينما تصل تكلفة الإنتاج في روسيا إلى 16 دولاراً للبرميل، وتصل في بعض الحقول في القطب الشمالي إلى 40 دولاراً للبرميل، مما يعكس ميزة اقتصادية واضحة لدول الخليج.

تقرير إنفيروس إنتليجنس عن مخزون النفط الأمريكي

أصدرت شركة إنفيروس إنتليجنس-ريسيرش تقريراً بعنوان: “هيمنة أمريكا الشمالية في توفير نمو الطلب العالمي على النفط تتضاءل”، أكدت فيه أن مخزون النفط الصخري في الولايات المتحدة على وشك النضوب، وأن مساهمتها في نمو الاستهلاك العالمي ستنخفض إلى أقل من 50% خلال العقد المقبل.

وأوضح أليكس ليوبوجيفيتش، مدير شركة إير، أن ارتفاع التكاليف وتعقيد التطوير في مواقع النفط الأمريكية سيعيد تشكيل منحنى تكلفة الإنتاج ويعيد تعريف استراتيجيات الاستثمار في القارة. ويتوقع التقرير أن ترتفع التكلفة الحدية لإمدادات النفط الأمريكي من 70 دولاراً إلى 95 دولاراً للبرميل بحلول منتصف عام 2030.

العوامل الجيوسياسية وأثرها على أسعار النفط

تشير التوقعات إلى أن انخفاض أسعار النفط على المدى القصير لن يستمر، بسبب:

  • التوترات الجيوسياسية وتعطّل العرض في مناطق حساسة مثل ليبيا، نيجيريا، وفنزويلا.
  • الضربات الصاروخية في سوريا وعرقلة الملاحة في البحر الأحمر.
  • الهجمات على منشآت نفطية في منطقة الشرق الأوسط.
  • احتمالية اتخاذ قرارات سياسية كبرى، مثل إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، والتي تؤثر على إمدادات النفط.

دور أوبك+ وإدارة الإنتاج العالمي

تلعب قرارات أوبك+ دوراً أساسياً في استقرار الأسعار العالمية. فعلى الرغم من أن زيادة الإنتاج قد تخفض الأسعار مؤقتاً، فإن التدخل لتخفيض الإنتاج عند انخفاض الأسعار بشكل كبير يساعد على دعم السوق واستعادة توازن الأسعار، كما حدث في اتفاق أبريل 2020 بين السعودية وروسيا بعد حرب الأسعار.

زيادة الطلب العالمي وتأثيره على الأسعار

يتزايد استهلاك النفط العالمي بشكل عام، مع توقعات ارتفاع الطلب في أوروبا وجنوب شرق آسيا. كما أظهر الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كوفيد-19 عام 2021 أن ارتفاع الطلب على السلع والخدمات يرفع الحاجة إلى النفط، ما يساهم في صعود الأسعار عندما يتجاوز الطلب العرض المتاح.

نقص الاستثمار في الإنتاج الجديد

تشير التقارير إلى أن انخفاض أسعار النفط لفترات طويلة قد يؤدي إلى نقص كبير في الاستثمار بمشاريع الاستكشاف والإنتاج الجديدة. وتحتاج الأسواق العالمية سنوياً إلى استثمارات قدرها 540 مليار دولار للحفاظ على الإمدادات المطلوبة.

وقد أوقفت شركات كبرى مثل شيفرون خطط الحفر في القطب الشمالي بسبب عدم اليقين الاقتصادي، ما يزيد احتمالية حدوث عجز في العرض عند ارتفاع الطلب مستقبلًا، وبالتالي دفع الأسعار للارتفاع على المدى المتوسط والطويل.

تتجه أسواق النفط العالمية نحو مرحلة ارتفاع تدريجي ومستمر للأسعار، مع استفادة دول الخليج العربية من ميزتها الاقتصادية في الإنتاج. ويركز التحليل على تأثير التوترات الجيوسياسية، إدارة أوبك+، وزيادة الطلب العالمي ونقص الاستثمار كعوامل رئيسية تحدد أسعار النفط خلال العقد المقبل.

لندن – اليوم ميديا

زر الذهاب إلى الأعلى