
من أميركا
أحمد القاضي – (لندن)
في وقتٍ تسجّل فيه حركة الطيران داخل الولايات المتحدة أرقامًا قياسية غير مسبوقة، تتعرض منظومة المراقبة الجوية الأميركية لخطر حقيقي يهدد سلامة الملايين من المسافرين، بسبب نظام تقني متهالك ونقص خطير في الكوادر البشرية المؤهلة.
أمن الطيران الأميركي على المحك: أزمة مراقبة جوية تتفاقم
وبحسب تقرير نشره موقع The Verge، فإن قطاع الطيران الأميركي يواجه تحديات متفاقمة، معتمدًا على نظام مراقبة جوية صُمّم في أوائل التسعينيات، غير قادر على مواكبة التوسع الهائل في عدد الرحلات. ففي عام 2024 وحده، أشرفت إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) على 16.8 مليون رحلة جوية، بزيادة نصف مليون رحلة عن العام الماضي.
خلل كارثي في نيوارك… والنتائج خطيرة
في حادثة تعكس هشاشة البنية التقنية، شهد مطار “نيوارك ليبرتي” الدولي في نيوجيرسي في أبريل الماضي انقطاعًا مفاجئًا في الاتصال بين الطيارين ومركز المراقبة، أعقبه توقف رادارات الهبوط والإقلاع بالكامل. ورغم عودة الأنظمة للعمل بعد أقل من دقيقتين، إلا أن الحركة الجوية ظلت مشلولة لساعات، ما أدى إلى إلغاء 12 رحلة وتحويل 30 أخرى.
Breaking News
الأسوأ من ذلك أن هذه الحادثة كانت الانقطاع السادس خلال تسعة أشهر فقط، مما يكشف عن أزمة مزمنة تتجاوز نيوارك إلى شبكة الطيران الأميركية بأكملها.
مراقبون مرهقون ونظام على وشك الانهيار
لا تقتصر المشكلة على الجانب التقني فقط، بل تشمل عجزًا حادًا في عدد المراقبين الجويين، خصوصًا في المناطق ذات التكلفة المعيشية العالية مثل نيويورك. فوفقًا للتقرير، تعاني بعض مراكز المراقبة من عجز يصل إلى 50% في عدد العاملين المطلوبين، ما يجبر المراقبين الحاليين على العمل 6 أيام في الأسبوع مع ساعات إضافية مرهقة.
ويبلغ متوسط راتب المراقب الجوي في أميركا نحو 127 ألف دولار سنويًا، لكنه لم يعد كافيًا لمجاراة ارتفاع تكاليف المعيشة، مما يجعل الاحتفاظ بالكفاءات المهنية تحديًا حقيقيًا.
تحديثات مؤجلة… وخطر قائم
ورغم إعلان إدارة الطيران الفيدرالية عن توظيف 1500 مراقب جديد في 2023 و2000 آخرين في 2024، فإن هؤلاء لن يُعتمد عليهم بشكل كامل قبل عام 2026 على الأقل. في هذه الأثناء، تعمل غرف التحكم على أجهزة قديمة، وأسلاك متهالكة، ومراوح تبريد مكتبية، وتواجه المراكز نحو 700 انقطاع أسبوعي في أنظمة الرصد، ما يهدد أمن الأجواء الأميركية.
وبينما تعهّدت وزارة النقل الأميركية بتطوير النظام عبر مشروع “NextGen” الذي انطلق عام 2003، فإن موعد اكتماله ما يزال بعيدًا، ولا يُتوقع الانتهاء منه قبل عام 2034، ما يثير تساؤلات خطيرة حول أمن الملاحة الجوية خلال العقد المقبل.