WhatsApp Image 2025-05-31 at 4.52.45 AM (1)

الأدوية الصينية

مريم عيسى – (لندن)

رغم مساعي الولايات المتحدة لإعادة توطين الصناعات الحيوية، تواصل الصين ترسيخ نفوذها في قطاع الأدوية العالمي، مدفوعة بارتفاع صادراتها وتوسعها المتسارع في مجال التجارب السريرية. هذا التقدم الصيني المتنامي يثير قلقًا متزايدًا في واشنطن، وسط تحذيرات من ارتهان سلاسل الإمداد الدوائي لمنافس استراتيجي لا يُعرف بقدرته على الشفافية أو التزامه بالقواعد الدولية.

فمنذ عام 2020، ارتفعت واردات الولايات المتحدة من الأدوية الصينية بنسبة مذهلة بلغت 485%، لتصل إلى 10.3 مليار دولار في عام 2022، ما يجعل الصين رابع أكبر مزوّد للأدوية لأمريكا بعد أيرلندا وألمانيا وسويسرا.

ويتزامن هذا الصعود مع تنفيذ استراتيجية “الصين الصحية 2030″، التي تسعى من خلالها بكين إلى تعزيز موقعها كقوة صاعدة في صناعة الأدوية، خصوصًا في ظل التحديات الديموغرافية المتعلقة بشيخوخة السكان. وكنتيجة لهذه الاستراتيجية، تضاعف عدد الأدوية الصينية قيد التطوير ليصل إلى 4391 دواءً، من بينها نحو 120 دواءً يُصنف ضمن فئة “الأدوية الأولى من نوعها”.

في الوقت ذاته، تسجل الصين طفرة لافتة في التجارب السريرية، حيث ارتفعت حصتها العالمية من 5% في عام 2013 إلى 18% في 2023، مقابل تراجع حصة الولايات المتحدة من 28% إلى 23% في الفترة نفسها.

وقد دفعت هذه الديناميكية العديد من شركات الأدوية الكبرى، مثل GSK وAstraZeneca وMerck، إلى إبرام صفقات تتجاوز قيمتها المليار دولار للحصول على حقوق تطوير وتسويق الأدوية الصينية خارج البلاد، مدفوعة بسرعة الإجراءات التنظيمية وجاذبية السوق الصينية.

ويرى مراقبون أن هذا التحول الجيوصناعي قد يهدد مستقبل الابتكار الصيدلاني في الولايات المتحدة، حيث يُشكّل قطاع الأدوية الحيوية ومورديها نحو 4.9 مليون وظيفة وتُقدّر قيمته بنحو 1.65 تريليون دولار.

ومع انعقاد مؤتمر جمعية الأدوية الأمريكية (Asco) هذا الأسبوع، يخيّم التحوّل الجيوصناعي على أجواء الحدث. فرغم أن المؤتمر يُعقد في قلب أمريكا، إلا أن أنظار صُنّاع القرار تتجه بلا شك نحو الشرق.