
علم الاتحاد الأوروبي
اليوم ميديا – (بروكسل)
في وقت تتهيأ فيه بروكسل لإطلاق الحزمة الثامنة عشرة من العقوبات ضد روسيا، تتصاعد التساؤلات حول فعالية هذه التدابير بعد ثلاث سنوات من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وسبعة عشر جولة من العقوبات لم تنجح في وقف الآلة العسكرية للكرملين.
17 حزمة.. وتأثير محدود
منذ انقلاب الدبابات الروسية على الحدود الأوكرانية في فبراير 2022، اعتمد الاتحاد الأوروبي استراتيجية الضغط الاقتصادي عبر عقوبات غير مسبوقة، طالت أكثر من 2400 شخصية وكيان، بما في ذلك الرئيس فلاديمير بوتين، وحظرت صادرات رئيسية كالنقط الخام، وجمّدت ما يفوق 200 مليار يورو من أصول البنك المركزي الروسي.
لكن، وعلى الرغم من شمولها، لم تُسقط هذه الإجراءات الاقتصاد الروسي أو توقف الحرب. فقد واصل الكرملين تمويل مجهوداته العسكرية، متكئًا على “أسطول الظل” لتصدير النفط، ومصدرين بديلين لتجاوز الحظر التقني الغربي.
الضغوط مستمرة.. والمجر تعرقل
في خضم ذلك، كشفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، عن حزمة جديدة من العقوبات قيد الإعداد، ستستهدف مشاريع نورد ستريم المعطلة، وتوسع قائمة السفن الخاضعة للحظر، وتخفض سقف أسعار النفط الروسي، إلى جانب إجراءات تطال القطاع المالي والطاقة النووية الروسية.
لكن تنفيذ هذه التهديدات “الضخمة”، كما وصفتها بروكسل، يصطدم بمقاومة متزايدة من بعض الدول الأعضاء، وعلى رأسها المجر، التي باتت تُعد حجر عثرة أمام الإجماع الأوروبي. ووفق مصادر دبلوماسية، يُدرس خيار تجاوز الفيتو المجري عبر تحويل العقوبات إلى تشريعات وطنية أو إجراءات تجارية لا يمكن لبودابست عرقلتها.
نقاط الضغط الباقية
المسؤولون الأوروبيون لا يزالون متمسكين بأثر العقوبات، إذ قال كبير الدبلوماسيين الأوروبيين كاجا كالاس: “الاقتصاد الروسي لا يعمل بشكل جيد، ولم يعد بإمكانهم تغطيته بالدعاية”. بينما شدد دبلوماسي بارز آخر على أن “الطاقة والطاقة والطاقة” تمثل الميدان الحاسم لضرب موسكو.
من بين المقترحات التي تُدرس: وقف واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي، واستهداف شركة “روساتوم” النووية، وتشديد الخناق على صادرات النفط، وخفض سقف الأسعار إلى 30 دولارًا للبرميل، كما طالبت كييف.
ترامب يربك الحسابات
التحرك الأوروبي تزامن مع دعوات بريطانية لفرض مزيد من العقوبات، وسط قلق من احتمال تجاهل إدارة دونالد ترامب – في حال فوزه مجددًا – لهذا الملف، خاصة بعد اتصاله الأخير ببوتين والذي لم يثمر وقفًا لإطلاق النار.
وفي حين اقترح السيناتور الأميركي ليندسي غراهام فرض رسوم جمركية بنسبة 500% على مشتري النفط الروسي، لا يبدو أن الاتحاد الأوروبي سيتبنى خطوة مماثلة حاليًا.
ماذا بعد
رغم تعدد العقوبات، فإن مفعولها الاستراتيجي بات موضع تشكيك، في ظل تكيّف روسيا مع القيود والاحتيال عليها بطرق مختلفة. لكن الأوساط الأوروبية تؤكد أن اللعبة لم تنته بعد، وأن الضغط الاقتصادي لا يزال خيارًا مطروحًا، شرط تجاوز الخلافات الداخلية، وتسريع التنسيق مع الحلفاء الغربيين.
فهل تنجح بروكسل في الحفاظ على زخم العقوبات؟ أم أن التضامن الأوروبي بدأ يتآكل أمام صخرة الواقعية السياسية؟