لقطة الشاشة 2025-05-10 في 10.59.48 ص

بيل جيتس

كتب – رامي صلاح

في إعلان مفصلي غير مسبوق، تعهّد الملياردير الأميركي ومؤسس مايكروسوفت، بيل جيتس، بالتبرع بمعظم ثروته الشخصية — والمقدرة بحوالي 200 مليار دولار — لدعم قطاعي الصحة والتعليم في القارة الأفريقية على مدى العشرين عامًا المقبلة، عبر مؤسسته الخيرية “Bill & Melinda Gates Foundation”.

هذه الخطوة تمثل تحوّلًا جوهريًا في فلسفة العمل الخيري الدولي، إذ يرى جيتس أن الاستثمار في رأس المال البشري بالقارة السمراء هو الطريق الأسرع نحو التنمية المستدامة والنمو العالمي.

المليارات تتدفق نحو أفريقيا

منذ تأسيسها، ضخت المؤسسة مليارات الدولارات في مشاريع أفريقية تشمل:

  • القضاء على الأمراض الفتاكة مثل شلل الأطفال والملاريا، عبر حملات تلقيح وتوزيع المبيدات.
  • دعم الأمن الغذائي من خلال تعزيز قدرات المزارعين بالتقنيات الحديثة لمواجهة التغير المناخي.
  • التمكين الرقمي عبر توفير الإنترنت والتعليم التكنولوجي في المجتمعات النائية.

يؤكد جيتس: “أفريقيا تملك طاقات هائلة، واستثمارنا فيها ليس إحسانًا، بل استثمار في مستقبل البشرية”.

أفريقيا في قلب العاصفة الدولية

تبرز أهمية هذه الخطوة في ظل تراجع الدعم الأمريكي لأفريقيا، خصوصًا في برامج الصحة العامة، وتزايد معدلات الفقر، ووفيات الأمهات، وانتشار الأوبئة. وتأتي هذه المبادرة في لحظة حرجة تعيد رسم خريطة الدعم التنموي عالميًا.

خارطة الاستثمار: من الصحة إلى الذكاء الاصطناعي

يركّز جيتس على ثلاثة محاور رئيسية:

  1. الصحة الأولية:
    • تحسين رعاية الأم والطفل.
    • مكافحة الأمراض المعدية باستخدام تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي في التشخيص المبكر (كما في رواندا).
  2. التعليم والتكنولوجيا:
    • بناء أنظمة تعليمية مرنة.
    • تعزيز الابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والخدمات المصرفية الرقمية.
  3. محاربة الفقر:
    • تمويل مشاريع مستدامة لخلق فرص اقتصادية محلية.

ردود فعل متباينة

أثنت شخصيات أفريقية بارزة، مثل السيدة الأولى السابقة لموزمبيق غراسا ماشيل، على المبادرة، معتبرة إياها “فرصة تاريخية”. لكن على الجانب الآخر، يرى نقاد أن نفوذ مؤسسة جيتس بات يتجاوز حكومات دول كاملة، ما يثير تساؤلات جدية حول الشفافية والمساءلة.

الخبير في العدالة العالمية “تيموثي وايز” حذر من مركزية القرار في مؤسسات خاصة، قائلاً: “عندما تتحكم جهة غير خاضعة للمساءلة في أنظمة صحة وتعليم شعوب كاملة، فذلك يعيد تعريف مفهوم العمل الخيري”.

إغلاق المؤسسة بحلول 2045

أعلن جيتس عن إغلاق المؤسسة في 2045 بعد إنفاق كامل الأموال. وعلّق ساخرًا: “لا أريد أن يُقال عني يومًا ما: مات غنيًا”.

لكن التساؤل الذي يفرض نفسه:
هل يكفي المال وحده؟
وهل ستتمكن الدول الأفريقية من إدارة هذه الموارد لبناء تنمية حقيقية لا تعتمد على المساعدات؟

شراكات عربية محتملة

تشير تقارير إلى إمكانية تعاون بين مؤسسة جيتس وجهات عربية فاعلة في أفريقيا مثل “صندوق أبوظبي للتنمية” و”الهلال الأحمر الإماراتي”، ما يفتح آفاقًا لتحالفات إنسانية جديدة تقوم على الدعم طويل الأمد لا المساعدات الظرفية.