
من أحد البنوك السعودية - (أرشيفية)
لندن – اليوم ميديا
في مشهد غير مسبوق، تتسابق البنوك السعودية في إصدار سندات ديون عالية المخاطر، وسط ضغوط متزايدة لتمويل مشاريع المملكة الطموحة، من مدينة “نيوم” المستقبلية إلى الاستعداد لاستضافة كأس العالم 2034.
ووفق تقرير بلومبيرغ، بلغت إصدارات سندات الشريحة الأولى الإضافية (AT1) أكثر من 5.6 مليار دولار حتى يونيو 2025، وهو رقم قياسي يفوق كل الأعوام السابقة، جعل من السعودية ثاني أكبر مصدر عالمي لهذا النوع من السندات بعد أوروبا.
لماذا هذا السباق على الاقتراض؟
رغم أن الاقتصاد السعودي لا يزال مدعومًا بإيرادات نفطية قوية، فإن الارتفاع الهائل في الإنفاق الرأسمالي على المشاريع العملاقة تجاوز قدرات النظام المصرفي القائم على الودائع التقليدية. إذ بلغت نسبة القروض إلى الودائع 107%، ما أجبر البنوك على البحث عن تمويل خارجي عبر أدوات دين مثل AT1.
“لم تعد هناك ودائع كافية لتغطية القروض”، كما صرح مدير محفظة الأسواق الناشئة في M&G، في إشارة إلى حاجة البنوك للسيولة الدولية.
نيوم وكأس العالم.. مشاريع تضغط على البنوك
تمثل رؤية 2030 حجر الزاوية في السياسة الاقتصادية السعودية، وهي تحتاج تمويلًا مستمرًا. من بناء نيوم، إلى مشاريع البحر الأحمر، إلى استضافة الفعاليات الرياضية الكبرى، كلها تحتاج بنوكًا قادرة على الإقراض بسرعة وكفاءة.
السوق الدولية ترحب بالديون السعودية
ما يلفت النظر هو الإقبال العالمي على السندات السعودية، خصوصًا من الصين ومديري أصول كبار في أوروبا. على سبيل المثال:
بنك البلاد جذب طلبات تفوق 2.5 مليار دولار لصفقة واحدة.
البنك السعودي الفرنسي تلقى طلبات بـ 1.9 مليار دولار على إصدار بقيمة 650 مليون.
مخاطرة محسوبة أم اندفاع غير محسوب؟
رغم أن الكوبونات بين 6% و6.5% تُعد جذابة في سوق مستقرة، فإنها لا تعوّض بالكامل حجم المخاطر المرتبطة بديون من الفئة الدنيا في هيكل رأس المال. لكن قوة البنوك السعودية واستقرارها النسبي يُقنع المستثمرين بأن هذه الرهانات “محسوبة”.
هل تنجح المقاربة؟
ما زالت السعودية تراهن على أن التمويل الأجنبي سيعزز قدرتها على الإنجاز دون الضغط على الاحتياطيات أو خنق النظام المصرفي. لكن مع تباطؤ النمو غير النفطي وتذبذب أسعار النفط، تظل المخاطر قائمة، ما يفرض على صانع القرار المالي وضع توازن دقيق بين التوسع والتحوط.