
مضخة النفط في حقل (CNN)
سواء بسبب حرب إقليمية قد تُغلق مضيق هرمز أو نتيجة تسارع عالمي في التحول نحو الطاقة النظيفة، فإن غياب النفط سيُحدث زلزالًا اقتصاديًا وجيوسياسيًا، يعيد رسم خريطة النفوذ العالمي، ويكشف هشاشة النظام الطاقي القائم منذ قرن.
اليوم، في ظل الحديث عن أزمة طاقة عالمية وشيكة، لم يعد سيناريو “اختفاء النفط” مجرد خيال، بل احتمال يقترب أكثر كلما ارتفعت حدة التصعيد في الشرق الأوسط.
النفط.. المحرك الخفي للصراعات
منذ قرن، شكّل النفط عصب الاقتصاد العالمي ومفتاح الحروب الكبرى. اليوم، ومع احتدام الصراع بين إيران — رابع أكبر منتج في أوبك — وإسرائيل، يصبح تهديد أمن الطاقة مسألة حياة أو انهيار.
يقول دانيال بوميرانتز من معهد بروكينغز:
“ضربة واحدة لمضيق هرمز أو منشآت الخليج كفيلة بإحداث أزمة عالمية تتجاوز في تأثيرها أزمة 1973.”
عالم بلا نفط: السيناريوهات الكبرى
1. ركود عالمي واسع
اختفاء النفط المفاجئ سيشعل موجة تضخم عالمي، خصوصًا في النقل والصناعة والزراعة.
يرى جوناثان ريد من جامعة كولومبيا:
“سنواجه صدمة أسعار، وسلاسل التوريد ستنهار، وارتفاعًا في تكلفة الغذاء والطاقة.”
2. فرصة تسريع التحول الأخضر
الأزمة قد تكون فرصة لتسريع الاعتماد على الطاقة المتجددة والهيدروجين والطاقة النووية.
يقول فرانك هوفمان من الاتحاد الأوروبي:
“في ظل الحرب، ستُضطر الدول الكبرى إلى تسريع الانفصال عن النفط، وبدء مرحلة جديدة للطاقة العالمية.”
هل البدائل كافية؟
رغم التطور في الطاقة الشمسية والرياح، إلا أن النفط ما زال يمثل أكثر من 30% من استهلاك الطاقة.
تقول ريبيكا هايز من بلومبيرغ NEF:
“الهيدروجين واعد، لكن كلفته العالية وبنيته التحتية المحدودة تمنع اعتماده فورًا.”
البدائل الأبرز:
الطاقة الشمسية والرياح: غير مستقرة كليًا.
الطاقة النووية: قوية لكنها مثيرة للجدل.
السيارات الكهربائية: تعتمد حاليًا على كهرباء مصدرها الوقود الأحفوري.
من يربح ومن يخسر؟
الرابحون:
دول متقدمة مثل النرويج وألمانيا.
شركات الطاقة النظيفة.
اقتصادات متنوعة كالإمارات والسعودية (بعد رؤية 2030).
الخاسرون:
دول نفطية ضعيفة التنوع مثل إيران والعراق والجزائر.
شعوب تعتمد على دعم الطاقة.
شركات النفط العملاقة.
الحرب تقرع أبواب النفط
أي مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل قد تستهدف منشآت النفط أو شحناته.
يُحذّر الدكتور مايكل أندروز من مركز راند:
“إغلاق هرمز أو استهداف منشآت أرامكو أو بوشهر سيشعل فوضى طاقية عالمية لا يمكن السيطرة عليها.”
الخليج في زمن ما بعد النفط
خليج بلا نفط يعني تحولًا اقتصاديًا واجتماعيًا جذريًا.
تداعيات محتملة:
ارتفاع البطالة.
انخفاض الإنفاق العام.
اختلال التوازن الاجتماعي.
لكن دول الخليج بدأت فعليًا في بناء بدائل.
يقول آرثر ديلون من جامعة أكسفورد:
“رؤية السعودية 2030 ومبادرات الإمارات البيئية تمثل خطوات استباقية نادرة في العالم العربي.”
أوبك: نهاية الدور المركزي؟
منظمة أوبك تواجه تحديات تاريخية:
تضاؤل قدرتها على التأثير في الأسعار.
صعود النفط الصخري الأميركي.
التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر.
يرى مراقبون أن أوبك قد تتحول إلى تحالف رمزي إذا لم تُعد هيكلة دورها في سوق الطاقة الجديد.
النفط.. نعمة تنقلب نقمة؟
السؤال لم يعد “هل ينتهي النفط؟” بل “هل نحن مستعدون لانتهائه؟”
التحول قادم، إما بإرادة سياسية وابتكار، أو بسبب حرب تُفجّر النظام الطاقي العالمي.