
الخبراء يحذرون من أزمة طاقة عالمية
صوّت البرلمان الإيراني مؤخرًا على إغلاق مضيق هرمز الحيوي للشحن النفطي، ردًا على الضربات الأميركية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية في إيران. هذا التصويت أثار مخاوف كبيرة في الأسواق العالمية من ارتفاع حاد في أسعار النفط، مع توقعات بحدوث ركود اقتصادي عالمي محتمل نتيجة لتصاعد التوترات في منطقة الخليج.
موجة ارتفاعات في أسعار النفط وسط توترات متصاعدة
شهد خام برنت ارتفاعًا تجاوز 10% منذ منتصف يونيو، ووصل سعر البرميل إلى حوالي 77 دولارًا يوم الجمعة، مع استمرار التوتر بين واشنطن وطهران في التصاعد.
ويقول خورخي ليون، رئيس قسم التحليل الجيوسياسي في شركة ريستاد لمعلومات الطاقة والمسؤول السابق في أوبك:
“من المتوقع ارتفاع أسعار النفط بشكل ملحوظ، خصوصًا إذا ردّت إيران بضربات مباشرة أو استهدفت البنية التحتية النفطية الإقليمية. حتى في غياب رد فوري، ستأخذ الأسواق في الحسبان علاوة مخاطر جيوسياسية مرتفعة.”
وأفاد أولي هفالباي، المحلل في بنك إس إي بي، في مذكرة:
"خام برنت قد يرتفع بين 3 إلى 5 دولارات عند افتتاح الأسواق، ما يزيد الضغط على المستهلكين والشركات على حد سواء."
أما بنك جي بي مورجان فقد أشار إلى أن استمرار الصراع قد يدفع أسعار النفط إلى 130 دولارًا للبرميل، في حال إغلاق مضيق هرمز لفترة طويلة، مما قد يفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية.
مضيق هرمز: شريان الطاقة العالمي تحت التهديد
يمر عبر مضيق هرمز ما يقارب 20% من إمدادات النفط العالمية اليومية، ما يجعله نقطة اختناق استراتيجية تؤثر على استقرار سوق الطاقة العالمي. ويشير ريتشارد نيفيل، خبير شؤون الطاقة في معهد ستراتفور، إلى أن:
"أي إغلاق حتى مؤقت لمضيق هرمز سيخلق اضطرابات كبيرة في الأسواق، تؤثر ليس فقط على أسعار النفط، بل على الاقتصادات العالمية بشكل عام."
تداعيات اقتصادية وعواقب محتملة على الأسواق العالمية
يرى جوناثان ميلر، كبير خبراء الطاقة في مؤسسة وود ماكنزي، أن ارتفاع أسعار النفط يشكل تهديدًا للنمو الاقتصادي العالمي، إذ يؤدي إلى زيادة تكلفة الوقود والنقل، ما ينعكس على الصناعة والزراعة، وربما يبطئ حركة الاقتصاد ككل.
وأضاف ميلر أن تقلبات أسعار النفط تؤدي إلى تذبذب في الأسواق المالية، وزيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي.
ردود فعل دولية ومخاوف تصاعد الأزمة
في واشنطن، أكدت السلطات الأميركية تمسكها بحرية الملاحة في مضيق هرمز، وهددت باتخاذ إجراءات صارمة ضد أي محاولة لإغلاقه. في المقابل، دعت أوروبا إلى التهدئة والدبلوماسية لتجنب التصعيد، محذرة من أن أية أزمة في الخليج قد تؤدي إلى أزمات أوسع على المستويين الاقتصادي والسياسي.
وفي هذا السياق، يوضح مارك أندرسون، خبير العلاقات الدولية، أن التوترات الراهنة تنبع من أزمة ثقة عميقة بين إيران والغرب، حيث يميل كل طرف إلى تصعيد مواقفه، ما يزيد احتمالات حدوث مواجهة إقليمية.
أبعاد أمنية: هل يهدد إغلاق المضيق مواجهة عسكرية؟
يرى اللواء المتقاعد روبرت وينتر، محلل استراتيجي في معهد أبحاث الدفاع الأوروبي، أن قرار البرلمان الإيراني يشكل أداة ردع لكنها تحمل مخاطر كبيرة للتصعيد. ويقول:
"إغلاق مضيق هرمز قد يدفع دول الخليج وحلفاءها إلى رد فعل عسكري، مما قد يؤدي إلى مواجهة واسعة مع تداعيات كارثية على المنطقة والاقتصاد العالمي."
السيناريوهات المحتملة للمستقبل
في ظل هذه التطورات، يطرح المحللون ثلاثة سيناريوهات محتملة:
- التهدئة والدبلوماسية: تراجع الأطراف عن التصعيد واللجوء إلى الحوار لتجنب أزمة طاقة واقتصادية كبرى.
- التصعيد الرمزي: قيام إيران بخطوات محدودة مثل إغلاق جزئي أو مؤقت للمضيق، ما يرفع من حدة التوتر دون نزول المواجهة إلى مستويات عسكرية مباشرة.
- المواجهة الشاملة: تصعيد عسكري إقليمي قد يشمل اشتباكات واسعة تؤثر على استقرار سوق النفط والاقتصاد العالمي.
ماذا ينتظر العالم؟
يبقى مضيق هرمز مفتاح السلام أو مفتاح الفوضى في منطقة الخليج. كل قرار بشأنه يحمل وزناً كبيراً، ليس فقط بالنسبة للنفط والأسواق المالية، بل لحياة ملايين البشر حول العالم.
يختتم جوناثان ميلر تحليله بالقول:
"في عالم مترابط، لا أحد بمنأى عن تبعات تصعيد في مضيق هرمز. المستقبل بيد اللاعبين الرئيسيين، وقدرتهم على إيجاد مخرج دبلوماسي يحول دون كارثة اقتصادية وعسكرية."
عن وحدة الاقتصاد – لندن – اليوم ميديا