
لقد فرضت الصراعات الجديدة والناشئة - من أوكرانيا إلى إيران وفي أنحاء الشرق الأوسط - ضغوطًا أكبر على شركات الطيران (الغارديان)
مع تزايد النزاعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا، تواجه شركات الطيران تحديات متصاعدة من حظر الأجواء وخداع أنظمة الملاحة، مما يضع الطيارين في مواجهة مخاطر غير مسبوقة.
في حادثة مثيرة وقعت فوق الأجواء الإسرائيلية، شهد طاقم إحدى الرحلات الطويلة العاملة مع شركة بريطانية تحليلاً خطيراً بعد أن بدأ عداد الساعة داخل قمرة القيادة بالسير إلى الوراء، فيما أظهرت أجهزة الطائرة أنها تحلق على ارتفاع منخفض جداً (1500 قدم) مقارنة بالارتفاع الصحيح (38 ألف قدم). أطلق نظام التحذير من الاصطدام تحذيرات متتالية، لكن الطيارين لم يتخذوا أي إجراء لأنهم عرفوا أن هذه تحذيرات زائفة ناجمة عن تشويش على نظام GPS.
هذا الحادث يُعد أحد الأمثلة على المخاطر الحديثة التي تواجه قطاع الطيران المدني مع تزايد الصراعات السياسية والعسكرية حول العالم، والتي أدت إلى زيادة حوادث خداع إشارات GPS بنسبة 500% خلال عام 2024، وفقًا لتقرير مجموعة “أوبس جروب” المختصة في أمن الطيران.
تصاعد النزاعات وتأثيرها على الطيران المدني
منذ الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 2022، وازداد عدد مناطق النزاع بنسبة 65%، مما أدى إلى تغير مسارات الطيران بشكل جذري، مع إلغاء رحلات وتحويل مسارات طائرات لتجنب مناطق الصراع.
على سبيل المثال، حظر تحليق شركات الطيران الغربية فوق روسيا أجبر شركات مثل “بريتش إيرويز” و”فيرجن أتلانتيك” على إلغاء الرحلات المباشرة بين لندن وبكين. وفي الشرق الأوسط، أدت الاشتباكات بين إسرائيل وإيران إلى إغلاق مسارات جوية حيوية، حيث اضطرت عشرات الرحلات إلى الانحراف فجأة، كما أوقفت “إير إنديا” رحلاتها إلى أوروبا وأمريكا بسبب ضيق المسارات الآمنة.

ارتفاع التكاليف والأضرار البيئية
توضح أستاذة إدارة الطيران في جامعة دبلن، فيكتوريا إيفانيكوفا، أن المسارات الأطول تعني زيادة في استهلاك الوقود وارتفاع انبعاثات الكربون، مما يزيد الضغوط الاقتصادية والبيئية على شركات الطيران.
وتشير إلى أن الرحلات بين هلسنكي وطوكيو، على سبيل المثال، أصبحت أطول بما يصل إلى ثلاث ساعات ونصف منذ بداية الحرب في أوكرانيا، ما أدى إلى زيادة التكاليف بنسبة تتراوح بين 19% و39%، وارتفاع الانبعاثات الكربونية بين 18% و40%.
كما أن هذه التحولات في المسارات الجوية تضغط على الجدول الزمني لشركات الطيران وتزيد من تكاليف التشغيل، مما ينعكس في النهاية على أسعار التذاكر للمسافرين.
خطر متزايد.. “تطبيع الانحراف” في التعامل مع التحذيرات
الطيارون بدأوا يتعاملون مع التحذيرات الزائفة كنمط معتاد بسبب تشويش GPS، ما أدى إلى حالة تسميها النقابات والباحثون بـ”تطبيع الانحراف”، وهو ما يشكل تهديدًا محتملًا لسلامة الرحلات.
مايك ثروَر، طيار سابق وخبير في سلامة الطيران، قال:
“هناك خطر متزايد بأن يصبح تجاهل تحذيرات النظام هو السلوك الاعتيادي، وهذا يقلل من مستوى الأمان العام”.
هل لا يزال الطيران آمنًا؟
رغم هذه التحديات الجديدة، يشير الطيارون إلى أن الطيران لا يزال آمنًا للغاية، لكنهم يؤكدون أن هذه التطورات فرضت إجراءات واهتمامًا مضاعفًا لضمان استمرار سلامة الركاب.
وحدة الاقتصاد – لندن – اليوم ميديا