image

دولار أميركي

في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تعالت التساؤلات مجددًا: هل يمكن أن تهتز هيمنة الدولار العالمي؟ فبينما تبقى العملة الأميركية الأقوى في الأسواق، إلا أن سياسات ترامب، خصوصًا تلك المتعلقة بحروب التعرفة الجمركية ومحاولات خفض سعر الدولار، بدأت تثير قلق المستثمرين والخبراء الاستراتيجيين.

ترامب والدولار: هل تضرب الوطنية الاقتصاد؟

تتبنّى إدارة ترامب من جديد شعار “أميركا أولاً”، لكن بأدوات توصف بالقصيرة النظر. فمن خلال الضغط لخفض سعر صرف الدولار وتحفيز الصادرات، تتجاهل الإدارة الأميركية الأثر البنيوي المزعزع لهذا التوجه على مكانة الدولار كعملة تسوية عالمية.

وتتحدث تقارير عن احتمال فرض ضرائب على تدفقات رأس المال إلى الولايات المتحدة، وهي خطوة تهدد بانكماش الاستثمارات ورفع معدلات الفائدة محليًا.

امتياز باهظ… ولكن!

منذ الحرب العالمية الثانية، تمتعت واشنطن بما وصفه الرئيس الفرنسي الراحل فاليري جيسكار ديستان بـ”الامتياز الباهظ”. فالعالم بحاجة إلى الدولار، ما يمنح أميركا قدرة فريدة على تمويل عجزها وتوسيع نفوذها السياسي والمالي.

لكن اليوم، تهدد سياسات ترامب هذا الامتياز، عبر ضرب الثقة في المؤسسات الأميركية، وإثارة الشكوك بشأن استقرار السياسات النقدية والاقتصادية الأميركية.

لماذا لم ينجح منافسو الدولار حتى الآن؟

مرّت محاولات استبدال الدولار بمحطات عدة، من الين الياباني إلى اليورو، وصولًا إلى اليوان الصيني. لكن جميعها فشلت بسبب:

  • صغر حجم الاقتصاد أو تعقيداته البنيوية
  • عدم وجود اتحاد مالي حقيقي كما في حالة أوروبا
  • سيطرة الصين على حساب رأس المال

في المقابل، استفاد الدولار من شبكة مالية عابرة للحدود، ومعايير دولية راسخة تجعله الخيار الافتراضي لكل من المستثمرين والدول.

التهديد الحقيقي… من واشنطن نفسها!

يرى خبراء أن التهديد الأكبر للدولار لم يعد يأتي من منافسين خارجيين، بل من الداخل الأميركي نفسه. فالفوضى المؤسساتية، والقرارات الارتجالية، مثل سحب أو تجميد دعم مؤسسات دولية، أو تغيير قواعد الاستثمار، تُفقد المستثمرين الثقة بالنظام المالي الأميركي.

ويحذر محللون من أن أخطاء ترامب قد تؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، وركود اقتصادي، وحتى تراجع غير منظم للدولار في حال لم تُضبط السياسات النقدية والمالية.

نهاية الدولار؟ أم استبدال أزمة بأخرى؟

رغم ذلك، لا يبدو أن هناك عملة جاهزة اليوم لتحل محل الدولار عالميًا. فالتحول عن الدولار ليس مجرد قرار اقتصادي، بل تغيير في البنية التحتية المالية للعالم بأسره، وهو أمر باهظ ومعقّد.

ولهذا، يحذر اقتصاديون من أن العبث بوضع الدولار العالمي قد يكون بمثابة استبدال أزمة بأخرى، كما حدث مع الجنيه الإسترليني في الماضي، حين أدّى قرار خاطئ لتقويض بريطانيا اقتصاديًا.

الخلاصة

الدولار ما زال على العرش، لكن سياسات ترامب الشعبوية قد تخلق شرخًا عميقًا في أساسات قوته. التهديد لم يعد خارجيًا… بل من البيت الأبيض نفسه.

لندن – اليوم ميديا