image

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان

في تطور غير مسبوق، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى تشكيل “تحالف إسلامي شامل” لمواجهة ما وصفه بـ”التوسع الإسرائيلي الخطير”، محذرًا من أن نيران العدوان لم تعد تقتصر على غزة وسوريا، بل باتت تهدد لبنان، اليمن، بل وحتى الأمن الإقليمي لدول الخليج.

تصريحات أردوغان جاءت عقب سلسلة غارات إسرائيلية استهدفت مواقع في سوريا ولبنان، في سياق تصعيد متواصل منذ اندلاع حرب غزة، ووصف إسرائيل بأنها “التهديد الأكبر لاستقرار المنطقة”. فهل يمكن بالفعل ولادة تحالف يضم تركيا، مصر، السعودية، وإيران تحت سقف واحد؟

السعودية ومصر: بين الحذر والمصالح المشتركة

رغم أن القاهرة والرياض لم تردا رسميًا على دعوة أردوغان، إلا أن تطورات الأشهر الماضية توحي بوجود أرضية مشتركة في الملف الفلسطيني. كلا البلدين انتقدا السياسات الإسرائيلية، خاصة في غزة، وأيدتا مقترحات وقف إطلاق النار. كما أن التنسيق المصري التركي في الملف الليبي والاتصالات السعودية الإيرانية بوساطة صينية، قد تؤسس لتحول استراتيجي أوسع.

يقول الباحث الأميركي ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية:

“إذا استمرت إسرائيل في تجاوز الخطوط الحمراء وتهديد الاستقرار الإقليمي، فإن فكرة التحالف الإسلامي، التي بدت خيالية قبل عام، قد تصبح واقعية جداً، خاصة إذا قادتها قوى سنّية وشيعية بشكل متوازن”.

إيران وتركيا: توافق تكتيكي أم شراكة استراتيجية؟

رغم التوترات السابقة، تشهد العلاقات التركية الإيرانية نوعًا من “الهدنة الاستراتيجية”، حيث توحد الطرفين ملفات مثل رفض الانفصال الكردي، والدعم لحماس، والعداء المشترك للتغلغل الإسرائيلي في المنطقة.

لكن خبراء يشككون في إمكانات تحالف فعلي. يقول الباحث البريطاني مايكل ستيفنز: “التحالف الإسلامي الذي يدعو له أردوغان يواجه ثلاث أزمات: الخلافات المذهبية، انعدام الثقة بين العواصم الكبرى، وخوف بعض الأنظمة من تصدير الثورات أو فقدان الهيمنة الإقليمية”.

إسرائيل ترد بحدة: أنقرة تنسق مع طهران ضد العرب

رد الفعل الإسرائيلي كان سريعًا. وزير الخارجية يسرائيل كاتس اتهم أردوغان بـ”التحريض الخطير”، وبالتنسيق مع إيران ضد الأنظمة العربية المعتدلة، في إشارة ضمنية إلى السعودية والإمارات. هذا التصعيد اللفظي يفضح خشية تل أبيب من ولادة تكتل إقليمي يجمّع خصومها تحت عنوان “التوسع الإسرائيلي”.

الصحفي الإسرائيلي بن كاسبيت كتب في “معاريف”: “أردوغان ليس غبيًا… هو يعلم أن تحالفاً مع طهران والرياض والقاهرة قد يشكّل كابوساً لإسرائيل… لكن السؤال الحقيقي: هل يثق هؤلاء القادة به؟”

معوقات التحالف: السياسة، التاريخ، والمصالح

رغم ما يبدو على السطح من تقارب، إلا أن المصالح الوطنية والتاريخ السياسي تعيق تشكيل تحالف إسلامي حقيقي. السعودية لا تزال حذرة من طموحات أردوغان، ومصر لا ترغب في تقوية دور تركيا الإقليمي، وإيران ليست مستعدة للتخلي عن خطاب “المقاومة الشيعية”.

لكن الهجمات الإسرائيلية العابرة للحدود قد تغيّر الحسابات. مع تصاعد الضربات في سوريا ولبنان، وارتفاع أعداد القتلى في غزة، يصبح من الصعب على الدول الإسلامية الكبرى تجاهل التحدي الإسرائيلي.

هل يشكل أردوغان حلفاً فعلياً… أم مجرد ضغط تكتيكي؟

يرى محللون أن دعوة أردوغان قد لا تفضي إلى تحالف عسكري مباشر، لكنها تؤسس لموقف سياسي مشترك يضغط على إسرائيل دبلوماسيًا، خاصة في مجلس الأمن. كما أن الحديث عن تحالف قد يهدف أيضًا لتحسين وضع تركيا التفاوضي مع الغرب، وإعادة تعريف دورها الإقليمي.

المحلل الفرنسي برونو تيراي يقول: “تحالف أردوغان ليس مشروعاً آنياً، بل رسالة مفادها أن تركيا مستعدة للقيادة إذا فشلت أميركا أو أوروبا في كبح جماح إسرائيل”.

خاتمة: شرق أوسط جديد… من البوابة الإسرائيلية؟

دعوة أردوغان قد تكون نقطة تحوّل في هندسة التحالفات في الشرق الأوسط. فالانقسام السني-الشيعي لم يعد كافياً لتفسير السياسات، مع تصاعد التهديدات المشتركة من تل أبيب. وإذا استمرت إسرائيل في تجاهل التوازنات، فقد تجد نفسها أمام محور غير مسبوق يجمع الرياض وأنقرة وطهران والقاهرة.

السؤال الحقيقي لم يعد: هل ستتحالف الدول الإسلامية؟ بل: كم من الوقت تحتاج حتى تفعل ذلك؟

لندن – اليوم ميديا

    اليوم ميديا، موقع إخباري عربي شامل، يتناول أبرز المستجدات السياسية والاقتصادية والرياضية والثقافية، ويتبع شركة بيت الإعلام العربي في لندن. 

    جميع الحقوق محفوظة © ARAB PRESS HOUSE