الدبلوماسية القطرية.. سر نجاح وساطات سويسرا الشرق الأوسط

تمكنت قطر من لعب دور محوري في التوصل إلى اتفاق هدنة إنسانية لمدة أربعة أيام بين حماس وإسرائيل، يسمح بتبادل 50 رهينة إسرائيلي مقابل إطلاق سراح 150 من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.
الاتفاق، الذي أعلنته وزارة الخارجية القطرية في 22 نوفمبر، تضمن أيضًا السماح بدخول مزيد من المساعدات الإغاثية والوقود المخصص للاحتياجات الإنسانية إلى قطاع غزة.
الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر، وأدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 240 رهينة، تبعته حملة عسكرية إسرائيلية خلفت أكثر من 13 ألف قتيل وفق بيانات وزارة الصحة في غزة. وفي ظل ضغط داخلي إسرائيلي ودولي، خاصة من الولايات المتحدة وأهالي الرهائن، تراجعت حكومة بنيامين نتنياهو عن موقفها الرافض للهدنة المؤقتة.
قطر في قلب المفاوضات… ومصر شريك داعم
شاركت مصر، التي تملك حدودًا مع غزة وإسرائيل، في المفاوضات، لكن المراقبين يرون أن الدوحة كانت المحرك الرئيسي لإنجاز الاتفاق. وقد أشاد الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، في تغريدات على منصة “إكس”، بالدور القطري والمصري ووصفاه بـ”الشراكة الحاسمة”.
كما أشاد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي بالدور القطري، معتبرًا أن جهود الدوحة الدبلوماسية كانت “حاسمة” في تسهيل الحلول الإنسانية.
انتقادات وتشكيك في النوايا
رغم الترحيب الدولي، لم تسلم الوساطة القطرية من الانتقادات، حيث اعتبر بعض المعلقين أن الاتفاق لم يشمل إطلاق سراح عدد كافٍ من الرهائن، فيما ذهب آخرون للتشكيك في نوايا قطر بسبب استضافتها قيادات سياسية من حركة حماس، وهو ما تنفيه الدوحة باستمرار، مؤكدة التزامها الدائم بدعم القضية الفلسطينية.
“سويسرا الشرق الأوسط”… سياسة الأبواب المفتوحة
منذ أكثر من عقدين، نجحت قطر في ترسيخ مكانتها كوسيط دبلوماسي فريد، ما جعل بعض المحللين يصفونها بـ”سويسرا الشرق الأوسط”. وتستند هذه الاستراتيجية على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع جميع الأطراف، حتى المتخاصمة منها.
وقد لعبت الدوحة أدوارًا بارزة في ملفات دولية شائكة، منها الوساطة بين الولايات المتحدة وطالبان، وفتح قنوات حوار بين واشنطن وطهران، والمساعدة في ملفات روسيا وأوكرانيا.
القاعدة الأمريكية ودور الحليف الاستراتيجي
تحتضن قطر أكبر قاعدة جوية أمريكية في الشرق الأوسط (قاعدة العديد)، التي لعبت دورًا محوريًا في عمليات الإجلاء من أفغانستان عام 2021، وهو ما دفع الإدارة الأمريكية إلى منح الدوحة صفة “حليف رئيسي خارج الناتو”، وهو امتياز حصلت عليه 17 دولة فقط في العالم.
مستقبل الوساطة القطرية… دور مرشح للاستمرار
يرى المراقبون أن نجاح قطر في جمع الأطراف المتخاصمة على طاولة المفاوضات، وتوازنها الدقيق بين التحالفات الدولية والإقليمية، يؤهلها للاستمرار في لعب أدوار محورية في النزاعات المستقبلية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تعج بالأزمات السياسية والإنسانية.
لندن – اليوم ميديا