ترامب وبوتين في قمة ألاسكا: عقارات رئيسية أم إمبراطورية روسية؟

بينما كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يستعد لاجتماعه مع فلاديمير بوتين في ألاسكا، بدا أن ترامب حاول توظيف خبرته السابقة كقطب عقارات في نيويورك في سياق النزاع الأوكراني الروسي. فقد أشار إلى ضرورة الانخراط في ما وصفه بـ”مقايضة الأراضي”، معتبرًا بعض المناطق التي تحتلها روسيا في أوكرانيا “مناطق رئيسية” وموضحًا عزمه على استعادتها.
تجدر الإشارة إلى أن استعارات ترامب العقارية تشكل جزءًا من شخصيته العامة، لكنها تكشف عن سوء فهم جوهري لأهداف الحرب الروسية. في المقابل، لا يسعى بوتين إلى الأرض فحسب، بل إلى القضاء على استقلال أوكرانيا تمامًا واستعادة الإمبراطورية الروسية.
بوتين وإحياء الإمبراطورية السوفيتية
تعتبر حرب أوكرانيا خطوة استراتيجية لإحياء النفوذ الروسي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991. وقد سلط تحليل مركز “أتلانتك كاونسل” الضوء على أن الغرب لم يفهم بالكامل دوافع موسكو، حيث يغفل الكثيرون السياق التاريخي الروسي الذي يشكل خلفية السياسات الحالية لبوتين.
الصدمة التاريخية وتأثيرها على السياسة الروسية
تجربة تفكك الاتحاد السوفيتي كانت مؤلمة لملايين الروس، الذين رأوا بلادهم تنتقل من قوة عظمى إلى جمهوريات صغيرة، مصحوبة بانخفاض هائل في مستوى المعيشة. ولعب بوتين، كضابط سابق في المخابرات السوفيتية في ألمانيا الشرقية، دورًا مباشرًا في متابعة الانهيار عن قرب، ما شكل قناعاته حول ضرورة حماية النفوذ الروسي وعدم السماح لأي تهديد خارجي باستنساخ الثورات الديمقراطية السابقة في روسيا.
الثورة البرتقالية في أوكرانيا وأثرها على بوتين
شهد بوتين في عام 2004 الثورة البرتقالية في أوكرانيا، التي عكست رغبة الأوكرانيين في الاستقلال الديمقراطي بعيدًا عن موسكو. هذا الحدث جعل بوتين أكثر حساسية تجاه محاولات أوكرانيا بناء هوية أوروبية ديمقراطية، واعتبره تهديدًا مباشرًا لنظامه.
تصاعد العدوان بعد ثورة الكرامة 2014
عقب ثورة الكرامة في أوكرانيا عام 2014، استجاب بوتين بالاستيلاء على شبه جزيرة القرم وشن غارات محدودة في دونباس، لكن ذلك لم يمنع أوكرانيا من تعزيز هويتها الوطنية والانضمام التدريجي إلى المؤسسات الأوروبية. هذا دفع بوتين إلى غزو شامل في فبراير 2022، في محاولة لإخضاع أوكرانيا تمامًا وإلغاء سيادتها الوطنية.
واقع القمة في ألاسكا
عشية اجتماع ألاسكا، بدا واضحًا أن الولايات المتحدة وروسيا خفضتا التوقعات بشكل متعمد. فترامب، رغم خبرته في الصفقات، يواجه أهدافًا إمبريالية لا تقبل التفاوض الجزئي من بوتين، الذي يصر على أن أوكرانيا تحتل مكانة استراتيجية حيوية بالنسبة لروسيا.
يُظهر هذا الواقع أن الحرب مستمرة، وأن أي مقترح لتنازلات إقليمية قد يكون غير مقبول من قبل الكرملين، مما يجعل نجاح مفاوضات السلام مرهونًا بفهم دقيق للتطلعات الإمبريالية الروسية وليس بالقدرة على إجراء صفقات قصيرة المدى.
لندن – اليوم ميديا