Site icon Todaymedia

ترامب يعيد رسم معادلة غزة من الدوحة

من لقاء ترامب والشيخ تميم على متن طائرة الرئاسة الأميركية في قاعدة العديد بقطر

في خطوة ذات دلالات استراتيجية واسعة، أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال توقفه في الدوحة، أن السعودية وقطر والإمارات لعبت دورًا محوريًا في التوصل إلى اتفاق غزة، في مؤشر على تحولات كبيرة في المعادلات السياسية والإقليمية في الشرق الأوسط.

جاءت تصريحات ترامب على متن طائرته الرئاسية “إير فورس ون”، خلال توقفها للتزود بالوقود في قاعدة العديد الجوية، قبل توجهه إلى ماليزيا لحضور قمة آسيان الإقليمية، ضمن جولته الآسيوية. وأشاد ترامب بـ الدور القطري قائلاً: “قطر حليف عظيم لواشنطن، وستكون على أهبة الاستعداد لإرسال قوات حفظ سلام إلى غزة إذا اقتضت الحاجة، ضمن الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في القطاع.”

وأشار ترامب إلى دور السعودية والإمارات، موضحًا أن الدعم المالي والدبلوماسي العربي ساهم بشكل مباشر في نجاح الاتفاق، مضيفًا أن السلام الدائم في غزة والمنطقة يتطلب تنسيقًا مستمرًا بين واشنطن والشركاء العرب.

أبعاد سياسية واستراتيجية

ويأتي هذا التحرك في سياق تغيير قواعد اللعبة في الشرق الأوسط، وفق محللين سياسيين، حيث يسعى البيت الأبيض إلى تعزيز الشراكة العربية-الأمريكية لإدارة الملفات الإقليمية المعقدة.

د. ليلى عبد الله، خبيرة الشؤون الدولية، أوضحت: “تصريحات ترامب تعكس استراتيجية أمريكية واضحة لتعزيز دور الدول العربية في إدارة الأزمات الإقليمية، خصوصًا في غزة، وهي خطوة نحو نموذج جديد للتدخل متعدد الأطراف في المنطقة.”

بدوره، يرى سامي الحسن، المحلل السياسي، أن إشراك قطر بقوات حفظ السلام يمثل مرحلة غير مسبوقة في السياسة الإقليمية: “هذا التوجه يعطي إشارات واضحة على قدرة الدبلوماسية الخليجية على المشاركة الفعلية في إدارة الملفات الحساسة بالتعاون مع واشنطن، ويضيف عنصر شرعية عربية لاتفاق غزة.”

كما أشار د. مازن الكيلاني، أستاذ العلاقات الدولية، إلى أن عبارة “إعادة رسم المعادلة” التي استخدمها ترامب تشير إلى أن الولايات المتحدة تسعى لإعادة ترتيب التوازنات الإقليمية والسياسية في الشرق الأوسط بعد سنوات من الجمود في عملية السلام الفلسطينية.

أهمية القوة الدولية ودور الدول العربية

أعلن ترامب أن القوة الدولية المقررة نشرها في غزة على وشك الوصول إلى مرحلة الجاهزية، وهو ما يعكس طموحًا أمريكيًا وعربيًا مشتركًا لضمان استقرار القطاع ومنع أي تصعيد محتمل.

ويرى خبراء أن مشاركة قطر، إلى جانب الدعم المالي والدبلوماسي من السعودية والإمارات، تمنح الاتفاق شرعية إقليمية ودولية قوية، وتزيد من فرص نجاح أي مهمة لحفظ السلام مستقبلية.

وقالت د. ليلى عبد الله: “الشراكة الأمريكية-الخليجية في غزة قد تصبح نموذجًا لتدخل متعدد الأطراف في أزمات أخرى بالشرق الأوسط، بما فيها لبنان واليمن وسوريا، إذا نجحت هذه التجربة.”

وفي السياق نفسه، أشار سامي الحسن إلى أن إشراك قطر بقوات حفظ السلام قد يمثل رسالة رمزية وسياسية للفصائل الفلسطينية، بأن المجتمع الدولي ملتزم بالحفاظ على الاستقرار ومنع التصعيد العسكري.

تحليل أعمق للمعادلات الإقليمية

الخبراء يرون أن تصريحات ترامب تحمل إشارات مزدوجة:

  1. داخليًا أمريكيًا: محاولة لتعزيز الدور الاستراتيجي للبيت الأبيض في الشرق الأوسط قبل الانتخابات القادمة، وإظهار قدرة الإدارة الأمريكية على تحقيق نتائج ملموسة في عملية السلام الفلسطينية.
  2. إقليميًا ودوليًا: تعزيز الثقة بين الدول العربية الكبرى والولايات المتحدة، وخلق إطار عمل مشترك لإدارة الأزمات والتنسيق العسكري والدبلوماسي.

ويرى الخبراء أن إشراك قطر، إلى جانب السعودية والإمارات، يُظهر أن الاتفاق ليس مجرد حل مؤقت، بل يشير إلى تحول محتمل في ديناميكيات القوة الإقليمية، حيث تصبح الدول العربية شريكًا مباشرًا في تحقيق الاستقرار في قطاع غزة، بدلًا من الاكتفاء بالدور الدبلوماسي التقليدي.

ولادة تحالف عربي – أمريكي جديد

تصريحات ترامب من الدوحة تمثل إشارة قوية نحو ولادة تحالف عربي-أمريكي جديد لإدارة قطاع غزة واستقرار المنطقة. وتؤكد أن إدارة ترامب تبحث عن نموذج متعدد الأطراف لتقليل التوتر ومنع تصعيد الصراع، مع إشراك الدول العربية الكبرى في مهام عملية، بما فيها حفظ السلام.

وبينما لا تزال التفاصيل العملية للقوة الدولية قيد الإعداد، يرى الخبراء أن إعلان ترامب عن إعادة رسم معادلة غزة قد يشكل بداية مرحلة جديدة من التعاون العربي-الأمريكي، مع تأثيرات محتملة على ملفات إقليمية أخرى في الشرق الأوسط.

لندن – محمد فال معاوية

Exit mobile version