
من الهجوم الإسرائيلي على إيران
لندن – اليوم ميديا | تحليل خاص
مع تصاعد التوتر بين تل أبيب وطهران، وتوالي الضربات الصاروخية المتبادلة، يتساءل المراقبون: لماذا اختارت إسرائيل هذا التوقيت بالضبط لضرب إيران؟
تحليل صادر عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أعده الخبيران ستيفن كوك وإليوت أبرامز، يقدّم إجابة مفصلة تنطلق من تغيرات جيوسياسية عميقة تشهدها المنطقة منذ 7 أكتوبر، مرورًا بفشل الدبلوماسية، وصولًا إلى انهيار الدفاعات الجوية الإيرانية.
■ الأسباب المباشرة وراء توقيت الضربة
يؤكد التحليل أن انتهاء مهلة الـ60 يومًا التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لطهران بخصوص المفاوضات النووية أزالت عائقًا كبيرًا أمام تل أبيب. فإسرائيل لم تعد مضطرة للقلق من إفساد مبادرة دبلوماسية أمريكية.
وفي الوقت نفسه، جاء تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ليكشف عن خطوات إيرانية جديدة نحو إخفاء أنشطة تخصيب اليورانيوم، ما اعتُبر مؤشراً خطيراً على تسريع البرنامج النووي، ودافعًا إضافيًا للعمل العسكري.
■ تحوّل استراتيجي ما بعد 7 أكتوبر
يشير التقرير إلى أن البيئة الأمنية في الشرق الأوسط تغيّرت جذريًا خلال العامين الماضيين. فإسرائيل نجحت، بحسب التحليل، في تحجيم “وكلاء إيران” في غزة ولبنان، ودمّرت أجزاءً واسعة من الشبكة الدفاعية الإيرانية في عمليات جراحية دقيقة، أبرزها في أكتوبر وأبريل 2024.
■ خسائر إيرانية “غير مسبوقة”
يكشف التحليل أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة استهدفت قلب القيادة العسكرية الإيرانية. فبحسب التقديرات، تمّت تصفية:
- الجنرال حسين سلامي (قائد الحرس الثوري)
- الجنرال محمد باقري (رئيس أركان القوات المسلحة)
- إسماعيل قاآني (قائد فيلق القدس)
- أمير علي حاجي زاده (رئيس القوة الجوية للحرس الثوري)
بالإضافة إلى عشرات القادة والعلماء النوويين ومواقع بالغة الحساسية كمفاعل نطنز وفوردو.
■ هل تردّ إيران؟ وماذا بقي لها؟
يشير التحليل إلى أن خيار الانتقام الإيراني أصبح محدودًا للغاية. فالصواريخ والطائرات المسيرة التي أطلقتها طهران، تم صدّ معظمها عبر أنظمة دفاع مشتركة مع واشنطن ودول الخليج.
أما فكرة التصعيد باستخدام الوكلاء الإقليميين (مثل حزب الله أو الميليشيات في سوريا والعراق)، فيبدو أنها باتت غير فاعلة، بعد سلسلة من الضربات الإسرائيلية التي أضعفت هذه الشبكات بشدة.
■ السيناريو النووي وشرعية النظام
تبقى أكبر معضلة أمام إيران الآن، بحسب التحليل، هي "المأزق النووي": هل تُسارع لصناعة قنبلة نووية كردّ مباشر؟ أم تواصل سياسة الاقتراب من العتبة دون تجاوزها؟
ووسط ضغوط داخلية غير مسبوقة – اقتصادية وسياسية – يتساءل المحللون الأميركيون:
هل تسعى إسرائيل إلى إسقاط النظام الإيراني؟ وهل الشعب الإيراني مستعد للتحرك؟
■ موقف الولايات المتحدة.. بين التحذير والدعم
ورغم أن الولايات المتحدة لم تشارك مباشرة في الضربات، إلا أن الرئيس ترامب أكد أن بلاده ستدافع عن إسرائيل ضد أي هجوم إيراني، مع التأكيد في الوقت نفسه على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات النووية.
ورغم تحفّظه السابق، وصف ترامب الضربة الإسرائيلية بأنها "ممتازة"، مشبهًا ما جرى بضربة 2007 ضد مفاعل سوري، عندما قررت إسرائيل التحرك رغم تردد إدارة بوش آنذاك.
■ ماذا بعد؟
يتفق المحللون الأميركيون على أن المنطقة تقف على عتبة تحول استراتيجي كبير. فالمشهد الأمني يعاد تشكيله، والتحالفات الإقليمية تعزز من حضورها، بينما تبدو إيران في أضعف حالاتها منذ عقود.
ويبقى السؤال الأكبر:
هل تكون هذه الضربة بداية النهاية للمشروع النووي الإيراني، أم شرارة لحرب كبرى في الشرق الأوسط؟