
الدخان يتصاعد في طهران إثر قصف إسرائيلي السبت
في أعقاب الضربة الجوية الأميركية على منشآت نووية إيرانية، يدخل الشرق الأوسط مرحلة أكثر غموضًا وتعقيدًا، وسط ترقب دولي واسع لرد فعل طهران. وبينما تلتزم إيران الصمت الرسمي حتى الآن، تتزايد التساؤلات حول السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة، وأثرها على أمن المنطقة واستقرارها.
ثلاثة سيناريوهات محتملة
السيناريو الأول: رد محدود محسوب
قد تلجأ إيران إلى تنفيذ عمليات انتقامية محدودة ضد أهداف أميركية أو مصالح واشنطن في العراق وسوريا، عبر أذرعها مثل “الحشد الشعبي” أو “حزب الله”، مع الحرص على عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي قد تستفز رداً مباشراً من الولايات المتحدة.
السيناريو الثاني: تصعيد إقليمي واسع
إذا اختارت إيران الرد بشكل مباشر أو تصعيدي، فقد نكون أمام مواجهة مفتوحة تشمل الخليج، وإسرائيل، وربما الممرات البحرية الاستراتيجية كهرمز وباب المندب. هذا السيناريو ينذر بانهيار اقتصادي إقليمي وتهديد لحركة النفط العالمية.
السيناريو الثالث: العودة للمفاوضات تحت الضغط
تشير بعض التقديرات إلى أن واشنطن تهدف من الضربة إلى إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات النووية بشروط أكثر صرامة. في هذا السياق، قد تختار طهران الامتصاص السياسي المؤقت تمهيدًا لصفقة جديدة، خاصة مع تزايد الضغط الشعبي والاقتصادي في الداخل.
رأي خبير غربي
يرى الدكتور مارك هولمز، أستاذ السياسات الدولية بجامعة جورجتاون وزميل سابق في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، أن الضربة الأميركية تمثّل لحظة فارقة لكنها لا تُغلق الباب أمام التصعيد، بل تفتحه على مصراعيه.
وفي حديث خاص لـ"اليوم ميديا"، قال هولمز:
"الضربة الأميركية ليست نهاية اللعبة، بل بداية فصل أكثر تعقيدًا. إيران لن ترد بشكل مباشر إلا إذا أُجبرت، لكنها ستستخدم أدواتها غير النظامية في الإقليم لإبقاء واشنطن ودول الخليج في حالة توتر دائم."
وأضاف موضحًا:
"نتوقع نشاطًا متزايدًا لوكلاء إيران في العراق وسوريا، وربما لبنان واليمن أيضًا، خاصة إذا رأت طهران أن الرد العلني سيجلب عواقب عسكرية كارثية."
ويشير هولمز إلى أن الضربة "قد تعزز موقف التيار المتشدد داخل النظام الإيراني، ما يصعّب أي عودة سريعة للمفاوضات النووية"، لافتًا إلى أن "واشنطن تلعب لعبة توازن دقيق، لكنها تتحرك على حافة الهاوية، وأي خطأ حسابي صغير قد يفتح بوابة صراع مفتوح في الخليج".
رأي إقليمي
في المقابل، يرى خبير مصري في الشؤون الإقليمية أن الولايات المتحدة تسعى لتوجيه رسالة ردع واضحة دون الانزلاق إلى حرب شاملة، لكنه يُحذر من أن "الخطر الأكبر يكمن في ردود الفعل غير المتوقعة، خصوصًا إذا قررت إيران تحريك جبهات مشتعلة مثل اليمن ولبنان".
ويضيف أن مستقبل المنطقة "يتوقف إلى حدّ كبير على عقلانية القرار الإيراني"، لافتًا إلى أن أي تصعيد عشوائي قد يؤدي إلى انهيار توازن القوى ويفتح المجال أمام تدخلات دولية واسعة النطاق.
إلى أين تتجه الأمور؟
حتى اللحظة، تبقى كل السيناريوهات مفتوحة، بينما يتسابق صناع القرار في طهران وواشنطن بين منطق الردع ومنطق التهدئة. لكن المؤكد أن "ما بعد الضربة" ليس كما قبلها، وأن الخليج والشرق الأوسط أمام أسابيع قد تكون الأشد اضطرابًا منذ سنوات.
من وحدة التحليل السياسي – لندن – اليوم ميديا